إنتصار تقلاوي تكتب “سايرين”.. هل من عودة ؟

“وضع الرجل المناسب في المكان المناسب”.. هو أمر ليس عسيرا أو سهلا في ذات الوقت، باعتبار أن “الاختيار” في كل شئ يحتاج الى معرفة عميقة من الجوانب كافة.

 

وربما تجد شخصا يملك القدرات التي تؤهله لأداء المهمة على أفضل وجه، ولكن قد لا يجانبه التوفيق في الملفات المدرجة على جدول أعماله لأسباب كثيرة منها البيئة والأشخاص المحيطين به أو غيرها من المبررات.

 

وعلى النقيض من ذلك، شخص آخر يصنع من “الفسيخ شربات” وهي دلالة على ابداعه رغم عدم توفر فرص النجاح.

 

وتواجه الكثير من المسؤولين الصعاب، خاصة في دولة ما إن تنفك من حرب إلا ويصنع لها أخرى تستنزف مواردها كما في حالة السودان.

 

وكم من وزير بدأ يتأقلم على أجواء العمل بعد دراسة متأنية ويفاجأ باقالته أو استقالة الحكومة أو حدوث انقلاب، فتذهب الجهود “سدى” ويبدأ غيره من “الصفر”، وتتأخر “عجلة الإنتاج” والدوران من جديد.

 

ويا ليتنا وضعنا سياسة واحدة تجاه كل القضايا في مؤسساتنا ليأتي الوزير لينفذها ويزيد عليها من “شطارته”.

 

وواجهت وزاراتنا وما زالت صعوبات بسبب الحرب المفروضة علينا، بجانب أن الوزراء يعملون بالتكليف وكانوا يتوقعون في أي وقت الاستغناء عن خدماتهم.

 

وفي خضم ذلك برز وزراء في الساحة وقدموا أنفسهم بشكل جيد وأنجزوا أعمالهم بكل همة كما فعل وزير الداخلية خليل باشا سايرين؛ والذي تحمل ملفات في غاية الحساسية، وكان كل همه هو تحقيق الأمن في أعقاب عبث المليشيا المتمردة باستقرار الوطن ومساعيها لبعثرة الأوراق.

 

ونجحت “الداخلية” بقيادة “سايرين” في لملمة الأطراف وتنظيم صفوف منسوبيها وتحمل مسؤولياتها والمشاركة في معركة الكرامة واستعادة ملفات السجل المدني والمساهمة في استتباب الأمن، خاصة في ولاية الخرطوم؛ التي تعرضت لمدة سنتين لأشرس المعارك مع التمرد، بالإضافة الى مساهمة الوزير في خفض مستوى الجرائم بشكل ملحوظ وتعزيز التعاون بين الشرطة والمجتمع عبر حوارات مفتوحة مع القبائل والشباب، بجانب تحقيق اصلاحات اقتصادية وجمركية بتقليص الفساد ورفع إيرادات الدولة بمليارات الجنيهات وتحسين كفاءة الجمارك عبر التدريب والتقنية ودعم مستشفيات الشرطة والسلاح الطبي بتوفير الأدوية والمعدات وتقديم مساعدات مالية ومعنوية للجرحى في النزاعات، مما عزز ثقة المواطنين في الدولة ودعم مشاريع الطرق والاتصالات في المناطق النائية.

 

وبما إنني لست من أصحاب الوصايا، ولكني أرى منح فرصة جديدة لأي مسؤول كان مكلفا وحقق نجاحا كما فعل خليل باشا سايرين؛ الذي يمتاز بالهدوء حتى أن أبناء دفعته في كلية الشرطة كانوا يرونه “ملاك في شكل إنسان”، وبطبيعته في أي موقع يعمل بلا ضوضاء ولا يبحث عن الأضواء، فهو يلمع كنجم دون أن تصاحبه آلة إعلامية تمجده وتستجدي”العطايا والمنح”.

 

دونت كلماتي تلك من باب معرفتي بما أنجز الرجل؛ الذي يمشي بين الناس بكل طيب خاطر وبساطة ولا تعوذه الإمكانيات على أداء المهام على “أفضل وجه”، وعلى الحكومة المقبلة أن تمنحه ما يليق به؛ خدمة للشعب السوداني؛ الذي يتوق للغيورين في كل المواقع السيادية والوزارية لينهض من كبوته بسبب “الحرب اللعينة”.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا