الباحث “عوض الله حسن جمعة” يكتب .. البُعد الأيدلوجي لفهم طبيعة الحرب العسكرية في السودان
متابعة / الجمهورية نيوز

الباحث “عوض الله حسن جمعة” يكتب .. البُعد الأيدلوجي لفهم طبيعة الحرب العسكرية في السودان
البعد الأيدلوجي لفهم طبيعة الحرب العسكرية في السودان :
رؤية : ( وصفية _ تحليلية ) من منظور الفكر الإجتماعي في علم الإجتماع المعاصر :
مدخل :
يلعب الفكر الإجتماعي دورا محوريا في تفسير ربط الماضي بحاضر الأجيال من خلال السرد التاريخي للأشياء والظواهر فقد توصل علماء الإجتماع من خلال النظرية التفاعلية الرمزية أن أي نظام سياسي في أي مجتمع يقوم على طائفتين ، إحداهما له حق قيادة المجتمع وإدارة أموره السياسية ، وأخرى عليها حق طاعة قيادتها السياسية ، وتتعدد نظم الحكم في المجتمعات المختلفة فالبعد الأيدلوجي وتأثيره على مسارات أحداث السياسة السودانية شكل منهج وأسلوب عمل الأحزاب والجماعات السياسية السودانية منذ طلائع فجر الإستقلال وإلى الإعتراف بدولة السودان .
نحاول في هذه السانحه عبر منهج التحليل الوصفي أن نعمل على توضيح بعض الحقائق في رسم ملامح البعد الأيدلوجي لطبيعة الحرب العسكرية في السودان ، المشاهد أن هنالك مذاهب فكرية معاصرة قادت الكثير من المجتمعات في البلدان الاوربية والعربية وحتى الأفريقية قادت توجهات الفكر عبر الحركة والحراك السياسي ، فمنهم من يرى أن خير بلادهم ومجتمعاته لا يتحقق إلا بالرجوع إلى العادات والتقاليد وأعراف الماضي وهؤلاء يطلق عليهم ( الرجعيون ) ومنهم من يتمسك بالواقع ويرفضون تغييره وهؤلاء يطلق عليهم ( المحافظون ) وفئة أخرى ترى أن الواقع قابل للتطور تدريجيا حسب الظروف المحيطة وهؤلاء يطلق عليهم ( الأحرار ) بينما الفئة الأخيرة ترى أن التطور يجب أن يتم بشكل جزري وشامل هؤلاء أطلق عليهم أسم ( المتطرفون) وعليه من البديهي أن تسعى هذه الجماعات السياسية النشطة في المجتمع إلى تحقيق أهدافها وفرضها على المجتمع في إطار النظام القائم حسب الموقف وأعني المصلحة والتي تقتضي الضرورة في علم الأصول .
وينظر علماء الإجتماع العسكري للحرب بصورة أكثر عمق ودقة في التحليل لمجرياتها بشكل عام خاصتا أن ربط الحرب بالفعل السياسي ، بإعتبار أن الحرب في كل الأحوال منبتها ومنشؤها لهدف سياسي تحققه او تعبر عنه الجماعات المتصارعة ، فالمنظر لطبيعة الصراع العسكري بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يرى هنالك عوامل إجتماعية ساهمت في تشكيل نمط شخصية الثاني وهو عامل الحمية والانتماء للذات هذه المسألة تقودنا لتساؤل جوهري عن ماهية الدواعي التي قادت تلك المؤسسة في تقوية بنائها الإجتماعي سياسيا وعسكريا حتى أصبحت مهدد للأمن الداخلي والجوار ؟ وهنا نرجع لبعض العامية في المثل السوداني (التسوي بي إيدك يغلب أجاويدك) فغياب الكبير في البيت السوداني أثر بشكل مباشر في إحداث خلل كان يجب أن يسد هذا الخلل ناتج عن ضعف البعد التكتيكي والإستراتيجي للقائمين على إدارة المؤسسة العسكرية الأولى رغم وجود مؤسسات التفكير ومراكز الدراسات والأكاديميات المختصة بالمجال مما عكس وجود أداها في الحرب بنسبة ضعيفة جدا ، ومن هنا يجب أن تراجع وتوظف حسب إمكانية التخصص في تقسيم العمل .
أعتقد أن الأزمة الحالية في التمرد المسلح والذي سيتحول إلى حرب أهلية مستمرة بالوكالة طالمه هنالك أطراف دولية لها مصالح عميقة في إستمرارية الحرب في السودان والاخطر من ذلك إنتشار السلاح خاصتا عندما تتقدم القوات المسلحة وتفرض سيطرتها على العاصمة ستتحول الحرب إلى إقليم دارفور مرة أخرى وهنا المشهد الأكثر تعقيدا فمسألة إنتشار السلاح لدى القبائل والمجتمعات المحلية تخلق فوضى طويله المدى في إرباك المشهد تعقيدا ، إذا لم تثمر المساعي الدولية نجاحا في الصعيد التفاوضي بين القوتين في أسرع وقت فلا يمكن للدول الداعمة أن تقف مكتوفة الأيدي بل ستظل تدعم عملية الخراب حتى يفقد المواطن السوداني الأمل كليا في أن يكون هنالك إستقرار ام لا ؟ فحرب السودان أصبحت بين الأجندة الذاتية والتدخلات الخارجية .
إذا هنالك تغيير سياسي في المشهد على مستوى الصعيد الإفريقي نتوقع أن يحدث حراك فاعل في تتضميد الجراح والإسراع في تغيير المشهد والسلام .