أسامة مختوم يكتب.. إلى متى تُستبَاح ولاية جنوب دارفور ؟

(1_3)
نيالا (نالا)…
هذه الولاية الواقعة غرب السودان، تذخر بتعدد إثني كبير، وتنعم بموارد وثروات هائلة، وتحدها ثلاث دول، ولها تداخل قبلي مع كل الدول الثلاث التي تحدها من الناحية الغربية والجنوبية والجنوب الشرقية. تعتبر المدخل الرئيسي للسودان بالنسبة للقارة الأفريقية، وهي المدينة الثانية من حيث الاقتصاد بعد ولاية الخرطوم.
تتكون ولاية جنوب دارفور من واحد وعشرين محلية. قيل إن مليشيات الدعم السريع تريد أن تجعل منها عاصمة لحكومتهم المزعومة، طمعًا بما تمتاز به من موقع جغرافي مميز ووضع اقتصادي قوي، وتنوع قبلي عن طريق الاحتلال طبعاً .
نيالا تعتبر في الوقت الحاضر من أصعب الامتحانات التي تواجه وزير الحكم الاتحادي ومجلس السيادة الانتقالي؛ لأن تحريرها يتطلب عملًا ومجهودًا كبيرًا جدًا مع جميع مجتمعات الولاية، على الأقل لتكوين قوة إسناد حقيقية تساند القوات المسلحة باعتبار إنها بؤرة الجنجويد ومركز إسنادهم الرئيسي.
ولكن الكارثة تكمن في معايير والي ولاية جنوب دارفور الحالي (بشير مرسال) التي لا تسمح له أن يكون والياً لنيالا في هذه الظروف وهذا التوقيت الحرج.
طيب لنلقِ الضوء على سيرة السيد الوالي، ثم نقيم: هل هو بمستوى تحديات جنوب دارفور أم أن الحكم هناك يتم بالتذاكي السياسي وصناعة شلليات ؟.
بشير مرسال لم يكن من سكان جنوب دارفور أصلاً، بل نُقل إليها موظفًا (ضابطًا إداريًا) ولم يمكث فيها عامين. حيث نُقل إليها مديرًا تنفيذيًا لمحلية صغيرة تعرف باسم (بليل)، ولم تكن له أي خبرات إدارية في نفس المجال؛ حيث لم يسبق له أن تولى أي ملف بوزارة الحكم المحلي في أي ولاية، ولا أي منصب بأمانة الحكومة. فقط جيء به مديرًا تنفيذيًا لمحلية صغيرة حسب معايير الحكم المحلي لتصنيف المحليات؛ لأن المحليات الكبرى بدرجة بلدية. علماً أن هناك ضباط إداريين في الولاية أقدم منه، من بينهم حملة شهادات عليا (دكتوراة وما فوق)، وهناك من هم أعلى منه درجة وظيفية، وسبق لهم تولي درجات قيادية في الولاية عبر التدرج الوظيفي حسب قانون الحكم المحلي والخدمة المدنية في السودان.
أيضًا، هذا الوالي بشير مرسال لم يمر بأي إدارة في المجلس التشريعي، ولا أي منصب بوزارة الحكم المحلي، فضلًا عن مؤهله الأكاديمي المتواضع. خدمته ظروف سنوردها لاحقًا عينتة أمينًا عامًا للحكومة بالولاية، مع وجود درجات وظيفية للضباط الإداريين بالولاية أعلى منه، وخبرات تنفيذية أرفع منه. ربما يكون ذلك كان “مشروع تمكين” مر ولازال يتمرر في الولاية.
بعد إجراءات 25 أكتوبر التصحيحية، تم تعيين حامد التجاني هنون واليًا مكلفًا للولاية، وفي تلك اللحظة رُفِعَ هو الآخر أمينًا عامًا للحكومة. وبعد حرب 15 أبريل بعام تقريبًا، كُلف بمهام الوالي علي الرقم من قصر النظر وهشاشة التجربة.
تمت في هذه الفترة ملاحظات عديدة تدل على التمكين،ومحاولات مقصودة ومدبرة لإبعاد أبناء الولاية من دوائر القرار، وإهمال طال حتى الموظفين ومواطني الولاية النازحين.
نعود للموضوع الأهم، وهو كيفية تحرير الولاية من قبضة الدعم السريع. هنا يصعب على الوالي، كشخص أصلاً من خارج الولاية، ولا يعرف شيئًا عن سكانها وتركيبتهم الاجتماعية، وغير مؤثر، ولم تكن له فرصة إدارية صحية لصناعة كاريزما هناك، أن يقود تلك البقعة وشعبها لعملية مقاومة شعبية تسع كل مجتمعات الولاية من أجل تحريرها. وبهذا، يعتبر في الوقت الحالي عبئًا إداريًا ثقيلًا على الدولة وبلا جدوى .
سنواصل…

