(أمريكا) … جدلية التفاوض بين الجيش والدعم السريع في جنيف ..!.

بقلم : إبراهيم عربي

 

 

لا أدري كيف تمت الدعوة من قبل وزير الخارجية الأمريكية بليكن للتفاوض مع الدعم السريع في جنيف

والتي أكدها بإنه سيقودها بنفسه لوقف إطلاق النار لتوصيل المساعدات الإنسانية في السودان ، وقال إنها لا تهدف الآن إلى معالجة القضايا السياسية التي تحقق العودة للحكم المدني الديمقراطي في السودان ..!.

 

ولكن هل التفاوض سيتم مع الجيش وقائده الجنرال البرهان وهو رئيس مجلس السيادة وبالتالي هو رئيس السلطة الحاكمة في البلاد ولابد من الإعتراف به ، وعليها تمت الدعوة بالفعل بهذا المفهوم وقبلها الجيش أم لا وهل سيذهب الجيش إلي جنيف أم لا ..؟!.

 

علي كل من الواضح إن هنالك ضغوط دولية وإقليمية ومحلية وربما حيثيات ميدانية للحرب في السودان أدت للعودة لمفاوضات جدة بين الجيش والدعم السريع 11 مايو 2023 .

 

ولكن لا أدري إن كان ماذهب بشأنها المستشار القانوني للدعم السريع محمد المختار عضو وفده المفاوض هل إنها مغالطات أم إفادات إنتزعها الزميل الأستاذ أشرف دوشكا ل(راديو دبنقا) في سبق صحفي في حواره الجريئ مع الرجل حينما قال (نحن ملتزمون بتنفيذ إعلان جدة ..!) ، وأضاف أن ماحدث بجدة ليس إتفاقاً بل إعلانا إنسانيا و(نحن حريصون على توقيع إتفاق لوقف إطلاق النار في جنيف ..!) .

 

في تقديري الخاص أن الدعوة الأمريكية للتفاوض مع الدعم السريع في جنيف 14 أغسطس المقبل بعد أكثر من (15) شهر من الحرب هي مطلوبات (سجال إنتخابي ..!) جاءت به حكومة بايدن لتبحث لها عن هدف ذهبي تستقطب به أصوات الرأي العام الداخلي الأمريكي في إنتخاباتها المقبلة والتي تواجهها فيها ضغوط إجتماعية وسياسية داخلية ونخشي ألا تأتي بخير للسودان بل ستعيد البلاد إلي تجربة شريان الحياة السابقة المريرة ..!.

 

في الواقع أن دعوة وزير الخارجية الأمريكي للطرفين ليست مجرد لفتة إنسانية للأوضاع في السودان فحسب ، لا سيما وأن الحرب إنفجرت بين يدي أمريكا وحليفتها بريطانيا بقيادة فولكر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ..!.

 

من الواضح أن الدعوة الأمريكية جاءت للطرفين مساوية بين الجيش السوداني والدعم السريع ..!، رغم أن الجيش يعتبرها قوة تمردت علي الدولة متتصف أبريل 2023 بعد أن كانت ذراعا مؤتمنا تابعا للجيش وفقا لقانون دستوري ، وقد أوكلت إليها القوات المسلحة عدة مهام ولكنها خانت التكليف وتمردت علي الدولة .

 

وبالتالي أصبحت قوة متمردة وصدر في حقها قانونا من قبل مجلس السيادة وتم تجريمها وإدانتها وقيادات الدعم السريع بإعتبارها قوات متمردة إرهابية إرتكبت عدة جرائم وإنتهاكات مجتمعية تستوجب إدانتها ..!.

 

إلا أن المتابع يجد أن إتفاق إعلان جدة الموقع بين الجيش والدعم السريع في 11 مايو 2023 أي بعد أقل من شهر حقق للدعم السريع إعترافا من قبل الجيش وأنها ليست قوة تم حلها

وإشتمل الاتفاق علي ثلاثة شروط حاكمة و(21) إلتزام كانت مطلوبة للتطبيق فورا لوقف إطلاق النار لعمليات إنسانية ولا تشمل إتفاقا سياسيا ..! ، توافق عليها الطرفان وجاء علي رأسها خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية ، ولكن من مساوئ إعلان إتفاق جدة أنه لم يحدد الٱليات المنفذة للإتفاق وكيفية تطبيق المطلوبات وبالتالي أصبح مكان مغالطات ..!.

 

وليس ذلك فحسب بل أن قوات الدعم قد تجاوزت الوضع ماكان عليه بجدة باحتلالها العديد من المدن وأحدثت كثير من الإنتهاكات وخلقت اوضاعا إنسانيا مؤسفة بالمناطق التي دخلتها ولازالت تدعي بإنها ليس لديها عناصر موجود في منازل المواطنين ..!.

 

في تقديري الخاص أن الدعم السريع فقدت السيطرة علي نفسها كقوة قتالية كانت منضبطة وتحت إمرة قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) ، فقد فقدت هذه الخاصية وأصبحت الٱن قوات متعددة الإمارات تتوزع بين قياداتها (جلحة ، كيكل ، ابو شوتال ، برشم ، محمدين وغيرهم ..) ، لاسيما وأنها قد جاءت بقوات مرتزقة من دول الجوار الإقليمي من بينها قوات إرهابية مصنفة دوليا ولذلك تعددت الإنتهاكات التي طالت المواطنين في أنفسهم وأسرهم وممتلكاتهم من قتل ونهب وتشريد واحتلال مساكنهم وغيرها من الإنتهاكات ..!.

 

وبالتالي يشترط الجيش للذهاب للتفاوض تنفيذ إعلان جدة أولا ..!، بينما جاءت الدعوة الأمريكية لمفاوضات جديدة في جنيف لوقف إطلاق النار بدلا عن جدة والتي خرجت بإعلان جده 11 مايو 2023 بعد أقل من شهر من إندلاع الحرب في السودان بسبب تمرد قوات الدعم ، ولذلك اعتقد إن مفاوضات جنيف ليست لأجل مصلحة البلاد بقدر ما هي ضغوط أمريكية لتقوية سيطرتها علي السودان ..!.

الرادار .. الإثنين 29 أغسطس 2024 .

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا