أم الدنيا مازالت بخير… شهامة محامي مصري مع رجل سوداني
رصد : الجمهورية نيوز
كتب الاستاذ مصباح محمد القربة المحامي المصري مقالا قال فيه : شرفني في مكتبي بالقاهرة قبل أسبوع أخ سوداني فاضل ؛ وقبيل أن يدخل لي أبلغته السكرتيرة بأتعاب الاستشارة فقال لها أنه قادم من السودان وليس معه أموال مصرية ، وطلب أن يدفع بالجنيه السوداني ، فدخلت السكرتيرة تستأذن مني فقلت لها لا تأخذي منه أي مقابل و أدخليه لي مباشرة.
واضاف المحامي المصري دخل علي و استقبلته بكل محبة و ترحاب، وشرح لي مشكلته التي يواجهها شقيق له متواجد خارج مصر و عرضت عليه سبل الحل و اتفقنا على الخطوط العريضة لحل الأمر و بالفعل طلب بيانات التوكيل وتم إعطائها له ، وقام شقيقه بعمل التوكيل إلا أنه لم يصل مكتبنا بعد.
قام ذات الرجل الذي سبق و شرفني بزيارته بالإتصال بي قبل ثلاثة أيام و طلب مني كتابة بعض الأوراق القانونية في مكتبي بغرض إرسالها لأهله الموجودين بالسودان لإنهاء بعض المعاملات فطلبت منه الحضور للمكتب و حضر في حينه.
كتبت الأوراق التي كان يحتاجها ، وتم ختمها بختم المكتب وتوقيعها من قبله ، و سلمتها له ، فسألني عن أتعاب هذه الأوراق فقلت له لا شيء ، ظن أنني أقول ذلك من قبيل المجاملة فعاود سؤالي فأجبته حقا بأنني لن آخذ أي مقابل و أن الأمر بسيط لا يستحق مقابل.
حينها بكى الرجل وكادت الدموع تفر من عيناه و تعجب من تصرفي وقال أنه لم يجد شخص يفعل له شيء منذ غادر بلاده إلا و يأخذ منه المقابل أضعافا مضاعفة و أحيانا يأخذون منه المال دون أن يؤدوا له شيء.
قلت له أنه ليس ضيفا في مصر بل أنه في بلده الأول حتى وليس الثاني فمصر والسودان يوما ما كانتا دولة واحدة ، وأنني أقدر الظرف الذي جعله يغادر بلاده و يترك وطنه و حياته و عمله وكل شيء من وراءه مضطرا ، و أن مكتبي مفتوح له بأي وقت وأتشرف بخدمته.
غادر الرجل مكتبي ولكني لم أنسى هذا الشعور الذي شعر به فقط لمجرد أنه وجد من يقدره و يحس بمعاناته وقد أصبح غريبا بعد أن كان يعيش في بلده آمنا مطمئنا ، والرجل ليس بفقير و إنما كان يحتاج أن يشعر بأنه يتعامل مع أشخاص ما يزالون على قيد الإنسانية.
كل أهلنا في الدين و العروبة هم على الرحب والسعة في مصر الكبيرة العظيمة التي تسع الجميع ، و شعبها كريم مضياف ، وخيرها وفير عظيم يكفي الأرض قاطبة وليس أدل على ذلك من قول نبي الله يوسف “ٱجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلْأَرْضِ ۖ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ” .. حفظ الله مصر.