إنتفاضة حمدوك !! سيف الدولة حمدناالله
الذين هللوا لموقف رئيس الوزراء برفضه تشكيل مجلس الشركاء وقد جاء في أسباب إنتفاضته أنه يعترض على توسُّع إختصاصات المجلس وأن في تشكيله تقليل من مقامه بتسميته عضواً بالمجلس وليس رئيساً مناوباً، الذين هللوا لهذا الموقف مثل مشجعي فريق الكرة الذين طاروا من الفرحة لإحتساب ضربة ركنية لفريقهم في آخر ثواني المباراة وهو مغلوب بثلاث أهداف.
حتى صدور هذا المرسوم التعيس، وبخلاف ما كان يصرخ به الشارع، كانت كل مكونات الحكومة وحاضنتها ترى أن الحال عال العال، وكانوا يُشيدون ببعضهم البعض ويتبادلون التهاني بالنجاح، فقد كان حمدوك يؤكد يوماً بعد يوم بأنه يعمل في تناغم مع العسكريين بالمجلس السيادي برغم تخطيهم لصلاحياتهم بحسب الوثيقة الدستورية وسيطرتهم على ملفي السلام والعلاقات الخارجية. وبالأمس جددت (قحت) ثقتها المطلقة في حمدوك ليكون رئيساً لمجلس الوزراء في التشكيل القادم وكأن فشل المرحلة السابقة يعود لوزراء يرأسهم شخص آخر، وكان مجلس السيادة يصدر بياناً تلو بيان في الإشادة بالنائب العام ويدعمه في قهر معارضيه ويدعوه إلى تأديبهم، برغم جدية ما رُفع ضد النائب العام من تجاوزات وشكاوي أقعدت بثورة العدالة التي قامت من أجلها الثورة.
والذين يضعون آمالهم في تحقيق الخلاص بقيام المجلس التشريعي، نسوا أن المجلس التشريعي دستورياً يتكون بتعيين لأفراده من نفس الأجسام التي يتشكيل منها مجلس الشركاء الذي إنتفض عليه حمدوك وواجه رفضاً من الشارع.
قيمة إنتفاضة حمدوك ومجاهرته بهذا الخلاف، أنها جعلت الشارع ينتبه للحقيقة التي تغافل عنها بسبب الحرص على عدم إعانة أعداء الثورة عليها، وهي أن الثورة لم يعد يفلح معها إصلاح بالترقيع، فما عاد هناك طرف خيط يمكن الإمساك به ويقود إلى معالجة، وقد أصبح من الواجب التفكير في إحداث تغيير شامل بأن تكون البداية من الصفر بصياغة وثيقة دستورية جديدة مبرأة من العيوب والثقوب التي أفضت إلى هذا الواقع المرير، وتشكيل حكومة إنتقالية من تكنوقراط وطنيين غير حزبيين، وتحريك ملف العدالة الإنتقالية بتعيين رئيس قضاء ونائب عام بحجم الثورة، دون أن يؤدي هذا التغيير للمساس بما تحقق من إتفاقيات مع الحركات المسلحة وبأي ما من شأنه أن يقود إلى تعكير صفو السلام والأمن.
الوقت ليس متأخر على البداية من الصفر، وهو خير من السير في طريق الجميع يعلم نهايته.