الإعلام الشعبي.. رافعة ضرورية لدعم معركة الكرامة اليوم قبل الغد ..

محمد حسن كبوشية 

في خضم المعارك المصيرية، لا تقل كلمة الحق سلاحاً عن الرصاصة، ولا تقل المعركة الإعلامية هولاً عن ساحات القتال

الإعلام الشعبي.. رافعة ضرورية لدعم معركة الكرامة اليوم قبل الغد ..

محمد حسن كبوشية

في خضم المعارك المصيرية، لا تقل كلمة الحق سلاحاً عن الرصاصة، ولا تقل المعركة الإعلامية هولاً عن ساحات القتال.

ومع استمرار شعب السودان في معركته الضارية ضد مليشيات الجنجويد الإرهابية، تبرز أكثر من أي وقت مضى الحاجة الملحة لإطلاق مبادرة شعبية طموحة لتكوين جسم إعلامي شعبي موازٍ، يدعم الجهود الإعلامية الرسمية ويكملها، ويحمل رسالة السودان إلى العالم.

 

لقد أثبتت التجارب التاريخية في دول شتى أن الإعلام الشعبي يمكن أن يكون سلاحاً حاسماً في معارك الوجود والكرامة. ففي سوريا، خلال سنوات الصراع الطويلة، نشأت شبكات إعلام محلية مثل “إدلب الإخبارية” و”الحدث TV”، عملت على تغطية الواقع بعيداً عن سيطرة الإعلام الرسمي، ونقلت معاناة الناس للعالم.

وفي فلسطين، كانت صفحات نشطاء التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية نافذة عالمية على جرائم الاحتلال، وحاضنة للرواية الفلسطينية.

حتى في أوكرانيا، مع الغزو الروسي، تحول المواطنون الصحفيون والنشطاء إلى مصدر رئيسي للمعلومات الموثقة من قلب الأحداث، مكملين دور الإعلام التقليدي.

وفي السودان، لا يمكن تجاهل المجهودات التي بذلها الإعلاميون الشجعان، ومن أبرزهم الصحفي خالد الاعيسر، الذي استضافته القنوات العربية والدولية باستمرار في بدايات الحرب. كان الاعيسر، بصلابته و موضوعيته، صوتاً بارزاً حاول نقل فظائع المليشيات وتفنيد أكاذيبها، مساهماً في كشف زيف روايتها على الساحة الدولية.

 

كما شهد الإعلام الرسمي الحكومي عقب تولي الاعيسر لوزارة الإعلام تطوراً ملحوظاً خلال الأشهر الأحد عشر الماضية، فانتقل من حالة الصدمة والترنح إلى خطاب أكثر احترافية وتنظيم، مستخدماً وسائط متعددة وبلغات مختلفة لمخاطبة الرأي العام العالمي.

لكن هذه الجهود، رغم أهميتها، تبقى غير كافية لمواجهة آلة الدعاية الممولة جيداً للمليشيات، والتي تعمل عبر منصات متعددة و بأساليب نفسية متطورة.

وهنا تكمن الضرورة القصوى لتأسيس جسم إعلامي شعبي مستقل، ليس كبديل عن الإعلام الرسمي، بل كداعم وسند حقيقي ويجب أن تكون هذه المبادرة مؤسسة بعيدة عن العشوائية، قائمة على التخطيط الاستراتيجي، وتضم كوادر إعلامية شابة مدربة، ومحللين، ومترجمين، وفرق رقمية متخصصة في إدارة المنصات ومكافحة التضليل بدلا عن رحلات ( زوار الفنادق )التي تعلمونها جيدا .

 

ولا يمكن لمشروع بهذا الحجم والطموح أن يرى النور بدون إسناد شعبي حقيقي. إنها مسؤولية وطنية تتحملها شركات القطاع الخاص والبنوك الكبرى، التي يتعين عليها تمويل هذا الجسم الإعلامي لضمان استقلاليته واستمراريته. يجب أن تتحول هذه الدعوة إلى حملة وطنية، حيث تتبارى المؤسسات الاقتصادية في دعم هذا الصرح الإعلامي، ليس كعمل خيري فحسب، بل كاستثمار في مستقبل السودان وأمنه القومي.

أخر الدعاش:

إن معركة الوجود هذه، والتي تحاول فيها المليشيات طمس الحقائق وتزييف الوعي، يصبح الإعلام الشعبي القوي خندقاً من خنادق الدفاع عن الوطن، وسيفاً مسلطا في وجه كل من يحاول النيل من كرامة السودان وشعبه الأبي.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا