البرهان يكشف عن كارثة إنسانية في كردفان.. ماذا سيحدث بعد تقرير الوالي؟
متابعة / الجمهورية نيوز

البرهان يكشف عن كارثة إنسانية في كردفان.. ماذا سيحدث بعد تقرير الوالي؟
في ظل التحديات الأمنية والإنسانية المتصاعدة التي تواجهها ولاية غرب كردفان جراء الحرب المستمرة، التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، صباح اليوم الاثنين الموافق 14 يوليو 2025، بوالي ولاية غرب كردفان اللواء مهندس محمد آدم جابد، وذلك بمكتبه بمدينة بورتسودان، حيث تم استعراض مجمل الأوضاع التي تعيشها الولاية والتطورات الميدانية والإنسانية في أعقاب الهجمات التي نفذتها مليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وفي تصريح صحفي أعقب اللقاء، أوضح والي الولاية أن الاجتماع مع رئيس مجلس السيادة جاء في توقيت بالغ الأهمية، خاصة في ظل تزايد التحديات التي تواجه مواطني غرب كردفان الذين وجدوا أنفسهم ضحية مباشرة لحرب عبثية شنتها مليشيات مسلحة خارجة عن القانون، استهدفت مؤسسات الدولة، وعطلت البنية التحتية، وتسببت في تشريد الآلاف من السكان الأبرياء. وأضاف الوالي أن الهجمات التي شنتها ما وصفها بـ”مليشيا آل دقلو الإرهابية” لم تميز بين أهداف عسكرية أو مدنية، بل ركزت على تدمير المؤسسات الحكومية والمشاريع الخدمية الأساسية، ما أدى إلى انهيار جزئي في منظومة الخدمات العامة وشلّ حركة الحياة الطبيعية في العديد من مناطق الولاية.
وأشار اللواء مهندس محمد آدم جابد إلى أن آثار الحرب كانت مدمّرة ليس فقط على المستوى الخدمي، وإنما امتدت إلى النسيج الاجتماعي، حيث أجبر العنف المتصاعد أعداداً كبيرة من المواطنين على النزوح داخل وخارج الولاية، ما تسبب في ضغط متزايد على المدن والقرى المستضيفة، إضافة إلى النقص الحاد في الغذاء والدواء ووسائل الحياة الأساسية. وبيّن أن الولاية باتت بحاجة ماسة إلى تدخلات عاجلة لتوفير الإغاثة الإنسانية للمواطنين في مناطق النزوح ومراكز الاستقرار المؤقت.
وأوضح الوالي أن اللقاء مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان لم يقتصر فقط على عرض حجم الكارثة، بل شهد نقاشاً مستفيضاً حول سبل تعزيز الاستجابة الإنسانية العاجلة، وتفعيل قنوات الدعم والتنسيق مع المنظمات الإنسانية والمؤسسات الحكومية ذات الصلة، بما يضمن تخفيف معاناة المواطنين في أسرع وقت ممكن. وكشف أن المبادرات التي أطلقها رئيس مجلس السيادة مؤخراً، بما فيها توجيه الدعم العاجل للمتأثرين في غرب كردفان، أسهمت بصورة ملموسة في إنقاذ الأرواح وتوفير احتياجات أساسية، خاصة في المناطق التي ظلت معزولة بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة.
وفي ذات السياق، أكد والي غرب كردفان أن حكومة ولايته على أتم الاستعداد للتعاون الكامل مع جميع الجهات الرسمية والأهلية، لتأمين المناطق المتأثرة وإعادة الاستقرار لها، مع التركيز على إعادة تشغيل مرافق الخدمات الحيوية مثل المستشفيات ومراكز المياه والكهرباء، التي تعرضت للتخريب أو التوقف بسبب انعدام الوقود وصعوبة الوصول إليها. ولفت إلى أن الجهود المبذولة حالياً تعتمد بدرجة كبيرة على التنسيق مع القوات المسلحة السودانية والأجهزة النظامية الأخرى لضمان تأمين القوافل الإنسانية وتسهيل الوصول إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها بالوسائل التقليدية.
وأشاد والي الولاية بروح الوطنية التي أبداها أبناء الولاية في مواجهة المحنة، حيث بادر العديد من المواطنين، داخل السودان وخارجه، إلى تقديم مساعدات عينية ومالية للمتضررين، في ظل ضعف الإمكانيات الحكومية نتيجة الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد. كما نوّه بالدور الكبير الذي تلعبه الإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني في التنسيق على المستوى المحلي، داعياً إلى مزيد من التعاون المجتمعي لتعزيز جهود الدولة في احتواء الأزمة.
الجدير بالذكر أن ولاية غرب كردفان تعتبر من أكثر الولايات السودانية تأثراً بالحرب الحالية، نظراً لموقعها الاستراتيجي وتداخلها الجغرافي مع مناطق النزاع الملتهبة في دارفور وجنوب كردفان. وقد تعرضت خلال الشهور الماضية لسلسلة من الهجمات التي شلّت الحركة التجارية والزراعية، وحرمت آلاف الأسر من مصادر رزقها المعتادة. ورغم التحديات، تبذل السلطات المحلية والقيادة العليا للبلاد جهوداً متواصلة لاستعادة الأمن والاستقرار في تلك المناطق، وسط دعوات متزايدة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية لوقف الاعتداءات واستئناف مسار الحل السلمي للأزمة السودانية.
ويأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة من الاجتماعات التي يعقدها رئيس مجلس السيادة الانتقالي مع الولاة وقادة الولايات المتأثرة بالحرب، في إطار متابعة مباشرة للواقع الميداني، وتعزيز الدور الاتحادي في دعم الحكومات المحلية على كافة المستويات. وفي الوقت الذي تتواصل فيه الهجمات على بعض الجبهات، يحرص البرهان على توجيه الرسائل الواضحة للمجتمع المحلي والدولي بأن الدولة ماضية في أداء واجباتها، وحريصة على إنفاذ القانون وتقديم الدعم اللازم للمواطنين رغم التحديات الكبيرة.
وفي ختام تصريحاته، شدد والي غرب كردفان على أن أولويات المرحلة القادمة تتمثل في توطين الأمن، وتحقيق المصالحات المجتمعية، وترتيب عودة النازحين تدريجياً، إلى جانب إعادة إعمار ما دمرته الحرب، بما يشمل المدارس والمراكز الصحية والطرق والبنية التحتية، داعياً أبناء الولاية في المهجر والمؤسسات السودانية الكبرى إلى المساهمة الفاعلة في نهضة الولاية في هذه المرحلة الحرجة.
ويترقب مواطنو غرب كردفان ثمار هذا اللقاء، آملين أن تُترجم توجيهات البرهان إلى خطوات عملية ملموسة على الأرض، تخفف عنهم مرارة النزوح، وتمنحهم بارقة أمل في غدٍ أكثر استقراراً وأمناً.

