البعثة الأممية .. على خُطى فولكر رشان اوشي
الخطوة الوحيدة التي بالإمكان أن توصد الأبواب أمام التدخل الأجنبي في بلادنا، وتقطع الطريق على الطامعين، هي إيجاد منصة سياسية سودانية ينطلق منها حوار سوداني/ سوداني.
يجب أن يكون حوار جاد، استراتيجياًوليس تكتيك ، ليس بالضرورة أن يشارك فيه الجميع بنسبة ١٠٠ %، لأنها نسبة مستحيلة، يكفي فقط أن تتوافق الأغلبية، وأصحاب القواعد الجماهيرية الفاعلة والمؤثرة، الأحزاب التي تنتشر أفكارها ودورها في الريف والحضر.
بعد ١٥/ أبريل، لم يعد هناك متسع للمجاملة وتضييع الوقت، فالشعب الذي يعاني النزوح واللجوء، المهجرين قسرياً من ممتلكاتهم في العاصمة لن ينتظروا طويلاً الحلول السلحفائية ولا الحفر بالإبرة.
الآن تتشكل جبهة وطنية حقيقية، تكوينها من جماعات، أحزاب وحركات مسلحة رأت بضرورة التوافق على إعلان سياسي ينظر للسودان فيما بعد الحرب، تركوا تجار الأزمات وانتهازيي السياسة يغطون في نوم عميق تتخلله أحلام وردية عسى ولعل أن يجلب فولكر وبندقية حميدتي كنز السلطة المفقود.
رغم أن الأشياء تتداعى يوميا أمام ناظري الأحزاب التي سعت للانقضاض على السلطة، إلا أنهم ما زالوا يحلمون بالضغط الدولي على النظام السوداني ليقاسمهم الحقائب الوزارية.
“فولكر” استقال؛ بعد أن تيقن تماما أن الشعب السوداني الذي فطن للمؤامرة مبكرا، لا يمكن خداعه، ولن يتكرر السيناريو الليبي في السودان مطلقا، حاصر اهل السودان رأس الفتنة حتى طردوه من بلادهم .. وكان لأحفاد الأمير البطل “عثمان دقنة” القدح المعلى في تخليص السودانيين من كابوس المبعوث الأممي الذي اشعل الحرب، وهنا يجب التأكيد على الادوار القوية التي لعبها الزعيم الوطني “محمد محمد الامين ترك”.
ينفق فولكر شهريا ما يقارب (35) مليون دولار على شراء ولاءات النخب السياسية، الناشطين، الإعلام ، وكل من يعينه على مشروع تدجين الشعب السوداني، وإنتاج نظام سياسي تابع، ينفذ أجندات الغرب على طريقة سمع وطاعة، ولكن خذلته معسكرات الاستنفار الشعبي، وتدافع شباب السودان للقتال ضد مشروعه دفاعا عن هوية السودان الثقافية والمجتمعية.
اجتهد “فولكر” خلال عمر وجوده في السودان كرئيس لبعثة أممية مهامها تتلخص في تقديم العون للسودانيين حتى ينتقلوا إلى مرحلة جديدة تضمن مستقبلا باهرا، ولكنه وظف صلاحيات البعثة في محاولة فرض مشروع سياسي على السودانيين يحقق مصالح الإمارات وأوربا، من خلال تمكين المليشيات وتوفير غطاء دولي لانتهاكاتها ونهبها لثروات السودان.
استقال فولكر وغادر غير مأسوف عليه، وتبقت لنا البعثة الأممية التي تعتبر مدخلا واسعا لأطماع الغرب والإمارات، يجب على السودانيين مواصلة نضالهم السلمي ضد الوجود الأجنبي في بلادنا… حتى لا يتكرر سيناريو فولكر الذي أوردنا موارد الهلاك.