الجمارك .. بين مفاهيمية العولمة والسيادة .. من “فريد” إلى “صلاح”  

كتبه : السر القصاص

احتفالاً بالترابط الجمركي العالمي ، يوافق 26 من يناير من كل عام، اليوم العالمي للجمارك ، ويوافق هذا التاريخ إنشاء المنظمة العالمية للجمارك .

وبهذه المناسبة وفي هذا اليوم، يتم تسليط الضوء على ظروف العمل والتحديات التي يواجهها موظفو الجمارك في وظائفهم حول العالم .

 

والسودان بقوات الجمارك الوطنية جزء من هذه المنظومة العالمية التى تعنى بالتشبيك ووضع الأسس والضوابط والمعايير العالمية لعمل الجمارك في إطار العولمة والانفتاح العالمي ، نحو نوافذ جمركية عالمية تحقق الترابط بالمفهوم الأوسع ، تأمين ، تنمية ، تجارة ، إعمار .

والسودان بحدوده الكبيرة ونقاطه الجمركية واسعة الإنتشار، جزء من نظام ومنظمة عالمية ترعى الالتزام الوطني وتؤسس للتواصل العالمي بمتطلبات الجمركة .

 

ووفق هذا فإن الاحتفال بذكرى تأسيس منظمة الجمارك العالمية ياتي ضمن المساعي الوطنية والعالمية لخلق بيئة عمل محفزة للكوادر وتوفير فرص التعلم وتبادل الخبرات لموظفو الجمارك .

كما يؤكد اليوم العالمي عاى جهود المنظمة في أن العمل في الجمارك مهمة نبيلة. والوفاء بها ضروري لرفاهية الأمم والحفاظ على أمنها.

ولأن التاريخ دليل المعرفة فإن الجمارك السودانية ، ضاربة في جذور التاريخ ففي الفترة ما قبل عام 1905م تاريخيا ً ، كان تحصيل الرسوم الجمركية يتم على نظام التوكيلات بصدور المنشورات من الحاكم العام الى مديرى المديريات اللذين يقومون بتحصيل الرسوم والضرائب الجمركية ويوردون الحصيلة للسكرتير المالى .

وفى العام 1905 م صدر أول قانون للجمارك بموجبه تم انشاء ادارة الجمارك ،واستقلت من مصلحة المالية واصبحت تحصل ايراداتها وتحدد منصرفاتها وتراجع حساباتها دون تدخل من مصلحة المالية .وفى نفس العام تم تعيين اول مدير للجمارك الكابتن هايس سادلر (HIS SADLAR) وكان برتبة العميد ومارس أعماله فى بداية يناير 1906 م. أهم ما قام به كابتن هايس سادلر هو وضع خطة لانشاء وتطوير العمل الجمركى وقد كان العمل يسير فى كل المحطات الجمركية( سواكن ، وادى حلفا ، بورتسودان )وفقا للنظام الجمركى المصرى .ومن ثم قام بتحديد المواقع وأنشاء سبعة عشر مركزا جمركيا هى سواكن ، وادى حلفا ، بورتسودان ،الخرطوم ، كسلا ، القضارف ، قنبيلا ، قلابات ،الروصيرص ، الكرمك ،ابوهاشم، شنينة ، قرورة ، سنار، الدندر، وابونعامة . ويلاحظ أنه أهمل الشمال والغرب ، ذلك أن الشمال به محطة وادى حلفا وكان التحصيل فيها يتم لصالح الحكومة المصرية ،أما الغرب فلم يتم الالتفات له الا بعد افتتاح مطار الجنينة عام 1940 م ( وهذه من مشكلات الدولة السودانية تاريخياً) .

 

 

وتعاقب على ادارة الجمارك ثمانية من الانجليز أخرهم المستر ووكلى والذى عمل كثيرا فترة لاتزيد عن ستة أشهر تمت بعدها سودنة الوظائف بالجمارك .عندما تمت سودنة الوظائف العليا بالجمارك كان عدد الاداريين الانجليز سبعة فقط على راسهم المستر ووكلى أخر مدير للجمارك فى العهد الثنائى .

 

إلى أن تسنم ، السيد خليل عبد النبى وظيفة مدير الجمارك ولكنه لم يستمر أكثر من أسبوع فقد رفضت القاعدة الجمركية هذا التعيين وتمسكت بتعيين السيد محمد كمال فريد ليصبح أول مدير فعلى للجمارك بعد الاستقلال عام 1956م .

و أتخذت الجمارك سواكن مقرا لها فى الفترة من 1906م حتى عام 1909م حيث افتتحت جمارك ميناء بورتسودان رسميا وانتقل لها معظم النشاط الجمركى .

 

من عام 1909 م حتى عام 1914 م ظلت رئاسة الجمارك تنتقل شتاءا ببورتسودان وصيفا بسنكات وهذا ايضا من اسرار العيش في بورتسودان التى تتقلب بين الحر والبرودة .

ويا سبحان الله فهاهي الجمارك في عهد الكرامة وهي تقاتل مع الجيش في ميدان الاقتصاد، هاهي تعود لبورتسودان مهبط وحيها ومحل تقديرها .

بعد ذلك وفى العام 1914 م انتقلت رئاسة الجمارك الى الخرطوم وبالتحديد فى الجزء الجنوبى الغربى من مصلحة المالية (وزارة المالية والاقتصاد الوطنى الآن) ثم ، فى عام 1934 م انتقلت للمبنى الذى يقع شرق القصر الجمهورى والذى تحتله محافظة الخرطوم الآن . ثم فى موقعها الحالى شمال شرق كوبرى الحرية عام 1984 م

 

ووفق هذه الأحداث والتواريخ وصلت قيادة دفة الجمارك الى اسمها وقانونها الحالي وقيادتها التى يتولاها الان اللواء صلاح احمد ابراهيم ، الوطني الفز والمهذب الورع ، والخبير في علوم الجمارك ، وفي معينه نخبة من القيادات العليا والوسيطة وقد حقق المعجزات خلفا لسلفه وأسس لتاريخ جديد للجمارك وهي تعيد بناء نفسها بعد أن دمرت المليشيا المتمردة المحطات الجمركية والنظام والدور وشردت الكوادر ، إلا أن الإرادة حاضرة فالسودان لن يؤتى من قبل الجمارك ، حراس الموارد وحماة المجتمع ، فالجمارك لا تعمل على تحصيل الرسوم فقط بل هي عين ساهرة على أمنه الغذائي ، ويد تحرس موارده ، وتحمي مجتمعه من سموم افاعي التجارة ، ففي أقسامها الحجر الصحي والبيطري ، والمواصفات والمقاييس والمكافحة ، والجمارك جزء من مفهوم السيادة الوطنية على الحدود البرية والموانئ ، وهي وسيلة الاتصال الاقتصادي التى اتفق العالم أجمع عليها وتماهى حول قيمها وارتباطاتها .

هذه الحروف عربون محبة وتقدير وتبجيل لسادة وقادة الجمارك في النقاط والموانئ والمعابر، تحت ظل المكاتب وفي هجير الشمس ، يسدون عين الثغور ، ويملاؤن الفلاوات بالحضور ، يحققون للسودان حصنه ويمنعون عنه الدخلاء ، هذا العربون مقرون بالدعاء بالنصرة للوطن والعزة والرفعة للجمارك .

 

شرح المتون :

العولمة، هي عملية التفاعل والتكامل بين الأشخاص والشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم. ظهر مصطلح العولمة لأول مرة في أوائل القرن العشرين (ليحل محل المصطلح الفرنسي السابق (mondialisation)، وتطور معناه الحالي في وقت ما في النصف الثاني من القرن العشرين، ودخل حيز الاستخدام الشائع في التسعينيات لوصف الاتصال الدولي غير المسبوق لما بعد العولمة.

 

ومفهوم ومصطلح السيادة هي الحق الكامل للهيئة الحاكمة وسلطتها على نفسها، دون أي تدخل من جهات أو هيئات خارجية. في النظرية السياسية، السيادة مصطلح أساسي يعيّن السلطة العليا على بعض الكيانات السياسية. في القانون الدولي، يشير مفهوم السيادة المهم إلى ممارسة الدولة للسلطة. تشير السيادة القانونية إلى الحق القانوني بفعل ذلك، والسيادة الواقعية إلى القدرة على فعل ذلك، والسيادة الحقيقية إلى القيام بذلك أيضاً.

 

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا