الخرطوم تستعيد عافيتها.. مياه الشرب تعود للمواطنين بعد طول انقطاع
متابعة - الجمهورية نيوز

الخرطوم تستعيد عافيتها.. مياه الشرب تعود للمواطنين بعد طول انقطاع
متابعة – الجمهورية نيوز- أعلنت هيئة مياه ولاية الخرطوم عن تشغيل عدد كبير من المحطات النيلية والآبار الجوفية المتوقفة منذ اندلاع الحرب، في خطوة وُصفت بأنها بداية فعلية لإعادة الخدمات الأساسية وتهيئة عودة المواطنين إلى العاصمة. وقال المدير العام للهيئة، المهندس محمد أحمد عوض، عضو اللجنة العليا لتهيئة البيئة، إن الجهود تركزت على إعادة تشغيل محطات إستراتيجية وصيانة الشبكات المتضررة، مشيراً إلى أن الهيئة استعانت بالديزل والطاقة الشمسية لتشغيل الآبار في مختلف المحليات.
جهود حكومية متواصلة
جاء هذا الإعلان خلال الاجتماع الثاني للجنة العليا لتهيئة البيئة العامة لعودة المواطنين، برئاسة الفريق مهندس بحري إبراهيم جابر وبحضور والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة. الاجتماع شدد على أن إعادة الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المياه، يمثل شرطاً جوهرياً لتشجيع النازحين على العودة واستعادة الحياة المدنية في العاصمة.
وأوضح المهندس عوض أن قطاع المياه نال دعماً من مجلس السيادة وحكومة الولاية، ما ساعد على تسريع عملية إعادة تشغيل المرافق المتوقفة. وأضاف أن فرق الصيانة تواصل العمل على مدار الساعة لمعالجة كسورات الخطوط وإعادة ربط المناطق المعزولة، في ظل التحديات الكبيرة التي أفرزتها الحرب.
تشغيل الخط الناقل الثالث بجبل أولياء
ومن أبرز التطورات، أعلنت الهيئة عن نجاح فرقها الفنية في تشغيل الخط الناقل الثالث بالانسياب في محلية جبل أولياء، وهو أحد الخطوط الحيوية التي تغذي مناطق واسعة من جنوب الخرطوم. ويشمل نطاق الإمداد أحياء الكلاكلات شرق حتى اللفة، والكلاكلات غرب حتى القلعة والقبة، إضافة إلى أحياء مايو وعد حسين والأندلس.
وأشار عوض في تصريح صحفي إلى أن تشغيل هذا الخط يعد إنجازاً كبيراً بعد شهور من الانقطاع، مؤكداً أن الهيئة تمضي بخطوات ثابتة نحو تحسين الوضع المائي في كل المحليات رغم التحديات اللوجستية.
معاناة ممتدة للمواطنين
منذ اندلاع الحرب، عاش سكان الخرطوم على وقع أزمة مياه خانقة، حيث اضطرت آلاف الأسر للاعتماد على الصهاريج التجارية أو حفر آبار بدائية، في ظل ارتفاع أسعار المياه المنقولة بالشاحنات. بعض الأحياء ظلت لأشهر بلا إمداد منتظم، ما فاقم من معاناة السكان وزاد الضغط على الخدمات الصحية والبيئية.
وبحسب تقديرات غير رسمية، ارتفع متوسط تكلفة المياه الشهرية لأسرة متوسطة العدد في العاصمة إلى خمسة أضعاف خلال فترة الانقطاع، وهو ما شكل عبئاً إضافياً على الأسر النازحة والفقيرة.
الأبعاد السياسية والاجتماعية
خطوة إعادة تشغيل المحطات والآبار لا تُقرأ فقط في بعدها الخدمي، بل تحمل دلالات سياسية مرتبطة بمحاولة الحكومة بعث رسائل طمأنة للمواطنين، والتأكيد على أن عودة الحياة ممكنة رغم الأوضاع الأمنية . فالمياه، باعتبارها شريان الحياة، تمثل في نظر كثيرين اختباراً لمدى قدرة الدولة على استعادة سيطرتها وبسط خدماتها الأساسية.
كما ينظر إلى تشغيل الخط الناقل الثالث في جبل أولياء كرمزية لعودة تدريجية لروح العاصمة، إذ أن المنطقة تضم كثافة سكانية كبيرة وتُعد مركزاً حيوياً يربط جنوب الخرطوم ببقية ولايات السودان.
تحديات ما بعد التشغيل
رغم الإنجاز المعلن، تواجه الهيئة تحديات ضخمة أبرزها هشاشة الشبكات القديمة التي تضررت بفعل القصف والإهمال، إضافة إلى محدودية الموارد المالية والاعتماد الكبير على مصادر الطاقة المكلفة. كما أن صيانة الكسورات المتكررة تتطلب إمكانيات بشرية وفنية مستمرة، وهو ما يضع ضغوطاً إضافية على الهيئة في ظل بيئة عمل صعبة.
ومع ذلك، ترى الهيئة أن النجاحات الأخيرة تمثل بداية لمسار طويل، وأن عودة الاستقرار المائي ستشجع على عودة مزيد من الأسر إلى منازلها، ما يسهم بدوره في إعادة دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العاصمة

