السر القصاص يكتب ..إستقالة كرتكيلا … (1-2)
السر القصاص يكتب ..إستقالة كرتكيلا … (1-2)
ليس هناك ٱمر و أنكى من أن ينقض السياسي غزله بيده ولا أنكى من أن يبلع السياسيين وعودهم و مشروعاتهم التى سوقوها للجماهير على مدى سنين عمرهم .
ودونكم القرار الذى أصدره وزير الحكم الاتحادي المهندس محمد كرتكيلا بنسف التجربة الولائية في الحكم بإلغاء الوزارات الولائية وتقليصها إلى ثلاث ولايات في كل ولاية مع العلم أن الولايات جاءت كنتيجة للحكم اللامركزي التى أتاح الولايات مساحة معقولة من تسيير الأمور في نطاقها الإداري .
وينحدر المهندس كورتكيلا من الدلنج بولاية جنوب كردفان؛ حيث درس بها مراحله الأولية والمتوسطة، قبل أن يلتحق بمدرسة ود مدني الصناعية الثانوية في العام 1967. وتخرج في الكلية المهنية العليا ثم معهد الكليات التكنولوجية (جامعة السودان حاليًا) ونال الدبلوم العالي في الهندسة الميكانيكية من معهد (سيتي أند غيلدز) ببريطانيا.
عمل كورتكيلا مهندسًا في المؤسسة العامة للطرق والكباري منذ العام 1973 وتدرج حتى أصبح كبير المهندسين فيها، ثم التحق بالقطاع الخاص وعمل في مجال استخراج البترول حتى العام 2005.
كان كورتكيلا عضوًا في المجلس التشريعي لولاية جنوب كردفان ورئيسًا للجنة الاقتصادية والمالية بالمجلس خلال فترة اتفاق السلام الشامل ممثلًا للحركة الشعبية لتحرير السودان، وعندما انقسمت الحركة الشعبية ظل كورتكيلا قياديًا في الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقيادة مالك عقار. وهو عضو بالمجلس القيادي للحركة الشعبية، وكان عضوًا في لجنة التفاوض الذي قاد إلى توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان.
وبالعودة لموضوع قرار كرتكيلا يعدّ السودان ثاني دولة في القارة الأفريقية تأخذ في النظام الفدرالي في ظل النظام الرئاسي منذ عام 1994 – وإن طرأ عليه تعديل – وذلك بعد نيجيريا التي طبقت الفدرالية كنظام للحكم في عام 1960. وقد تبع هاتين الدولتين في أفريقيا لتطبيق هذا النمط من الحكم على التوالي كلٌ من أثيوبيا (1995) التي لا تبدأ مقدمة دستورها بعبارة «نحن شعب إثيوبيا» وإنما جاءت بدايتها بعبارة «نحن مجتمعات وقوميات وشعوب أثيوبيا» .
وتأتي بعدها ترتيباً من حيث الزمن جنوب أفريقيا التي تبنت النظام الفدرالي كفلسفة للحكم (1996) .
اكتسب مصطلح «اللامركزية» أبعاداً شتى في الأدبيات الإدارية والسياسية خلال حقبة التسعينيات من القرن المنصرم، نتيجة للمتغيرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية التي شهدها العالم.
واللامركزية هي مصطلح يتداخل مع مصطلح الفدرالية، مثلما يتداخل مع وسائل نقل السلطة لممارستها لامركزياً.
ويقول هنري ماديك إن اللامركزية قد تأخذ أحد النمطين: لامركزية التفويض، وهي تحويل سلطات لممثلي المركز تحويـلاً إدارياً.
ولامركزية التخويل، وهي تنازل عن سلطات وصلاحيات بحكم القانون إلى مجالس محلية تمثل المنطقة المحلية.
يميز الفكر الإداري الحديث بين ثلاثة أنماط من اللامركزية، وهي: اللامركزية السياسية، واللامركزية الإدارية، واللامركزية المالية.
وُلدت مرحلة تأسيس الحكم الفدرالي دستورياً في الرابع من شباط/فبراير 1991 بصدور المرسوم الدستوري الرابع، الذي قُسم السودان بموجبه إلى تسع ولايات، وتم تحديد سُلطات مشتركة بين المركز والولايات .
وفي تطور لاحق، ولأسباب الزيادة في المشاركة السياسية وقصر الظل الإداري، ومساحة السودان الشاسعة، أُلِّفت لجنة لإعادة تقسيم الولايات.
وبعد دراسة قدمت لجنة توصيتها واقترحت أن يقسم السودان إلى ثماني عشرة ولاية. ولكن القرار السياسي عندئذ قضى بتوزيع السودان إلى 26 ولاية قبل الانفصال لتحول إلى 18 ولاية عقب الإنفصال بعودة ولاية غرب كردفان التى حلت سابقاً وتوزعت محلياتها بين ولايات شمال وجنوب كردفان وتم إنشاء ولاية شرق دارفور التى فصلت عن ولاية جنوب دارفور .
ولتعرف أن الوزير كرتكيلا نقض غزله بيده ، هو أن مشروع الفيدرالية وتوزيع السلطات وحكم المجتمعات تجده يخالف نص الإتفاق الذى جاء به إلى السلطة حيث يقول الفصل والمبداء الاول لاتفاق سلام جوبا للسلام أن السودان دولة مستقلة ذات سيادة ديمقراطية، فيدرالية، تكون فيها السيادة للشعب وتمارسها الدولة ، خلي بالك ديمقراطية فدرالية ، القرار بدمج وتقليص الوزارات الولائية هو قرار بعودة المركزية دون مؤتمرات ولا مؤتمرات ولا مشورة ولا حتى لجان متخصصة ولا لقاء تفاكري مع ولاة الولايات .
لذا فان لم يستقبل الوزير المهندس محمد كرتكيلا اليوم من منصبه لمخالفته أفكاره واتفاقياته ونضال حركته الشعبية بقيادة مالك عقار فليستقيل غدا .
نواصل
في الحلقة المقبلة نواصل في ذات المسار وسنسلط الضوء على مشروع الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار الحكم في السودان مع الأخذ في الاعتبار أن الحركة لم تصدر بيان بشان موقفها من عودة المركزية والغاء اللامركزية وهو موقف أخلاقي كان يمكن أن يشفع لها ، وكنا يقول ضياء الدين بلال سنتركهم حتى يخلون ردائهم قطعة قطعة أو كما قال .