السر القصاص يكتب .. “الكاهن المهندس”

والمشهد اليوم لايبنى على فرضيات العهدة القديمة ، ولا يميل إلى أى الأطراف ، إسلاميين أو يساريين ، ويتجاوز لافتات ظلت ثابتة مراغنة ومهداوية ، المشهد اليوم يبنى على فرضية الواقع وتقلبات الدولة والاقليم والكرامة .
نجح المهندس الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في دفع الجميع نحو نقطة جديدة تتمحور حول وزارة كامل إدريس والتى لن تكون وزارة ووزراء فحسب ، فهي منطقة كاملة تترسخ بمفهوم الوسط كتيار جديد يقوم على أعمدة ديسمبر ويتجاوز القحاتة ويلتمس اشواق الصف الثالث في طابور الاتحاديين والشيوعيين والإسلاميين ولافتات الأمة الإثني عشر فريقاً.
منطقة الوسط هذه تأخذ ملامحها من بين فرث ودم الكرامة وتتقفى محاذيرها من فشل الايام الكالحات ، وتقوم على التدارك والإدارك والإدارة ، إدارة كل ذلك لتخرج بوصفة الامل والذى يحتاجه الجميع .
اذا فالمشهد لا يتأسس على اجتماعات القاهرة ولا اديس ولا نيروبي ، يتأسس تحت قبة الكرامة ، باجندتها وظروفها ومحيطها الدولى والإقليمي ، فالدول التى رحبت بوزارة كامل إدريس لديها تحفظاتها على الاسلاميين وشارع الكرامة لديه تحفظاته على اتباع الملايش من ملة القحاتة وبتوع المنظمات ، ولذا فإن النظرة الفاحصة تجد أن معيارية التكنوقراط والتحلل عن الايدلوجيا فرصة لإعادة رسم معالم شطرنج الملعب السياسي ،
والعسكريين والحركات المسلحة وشباب ديسمبر وشباب الإسلاميين والمقاومة الشعبية يمثلون مدخل الحوار السوداني حين يحين ميقاته والذي بحسب ما نراه اليوم فإنه أخذ شكلا من أشكال التشكل ، ووجد طريقه للدراسة والتفاكر .
بعد خروج العراب والمهندس فريق ركن عبدالفتاح البرهان من القيادة في خضم عملية عسكرية لم تعلن تفاصيلها حتى الآن، سمي الرئيس حينها بالكاهن وقد استحق ذلك ، والان مع وضع رؤية المرحلة عبر وزارة كامل إدريس فإن الكاهن استحق لقب مهندساً وهو نسق يستق مع مجهودات إعادة تشكيل الخارطة السياسية ، خاصة إذا ما راجعنا ، لقاءات الأحزاب والقوى السياسية وصولا إلى وثيقة القوى الوطنية وفي مقدمتها الكتلة الديمقراطية والتى منحته الحق في توليف حكومة تخاطب احتياجات الواقع دون شروط ، إذ استفاد المهندس أيضا من رغبة المجتمع الدولي في الانتقال الى ظروف بحكومة مدنية تحظى بشعبية ، ولا أعتقد أن هناك انسب من كامل إدريس لذلك وقد أثبتت الأيام وبرقيات التهنئة والتأييد ذلك ولا اقول ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة عن دعمه وإسناده لحكومة كامل والتى هي بالأساس ستكون نتاج تخطيط المهندس .
وبعد تشكيل حكومة كامل كاملة اعتقد أن المهندس ، سيبقي أمامه ملفات استكمال حرب الكرامة ، العلاقات الخارجية والدبلوماسية الرئاسية والملف السياسي ، وفيما يلي ملف استكمال حرب الكرامة سيدخل البرهان الامتار الاخيرة وهو مرتاح الجانب من مشاكل الجهاز التنفيذي بجانب توسعه في الملف السياسي خاصة قضية الحوار السوداني وتشكيل المحكمة الدستورية وهيئات الإعمار والانتخابات .
سيكتشف الناس أن الرئيس البرهان عسكري محنك وسياسي ضليع ومهندس بارع ، واسع الحيلة وحاذق .
ختاما وفي العلوم السياسية، فان الهندسة السياسية.. كما عرفها حديثاً الباحث المصري احمد المسلماني المستشار الاعلامي لرئيس الجمهوريه المصرية السابق عدلي منصور ورئيس هيئة الإعلام المصري ، فإنه عرفها بأنها «علم بناء الدولة».. أى «علم إدارة شئون الدولة.. عبْر تخطيط شامل للسلطة والمجتمع.. وبناء أو إعادة بناء المؤسسات العامة والخاصة.. بما يؤدى إلى انتقال الدولة من التخلف إلى التقدم.. أو من التقدم إلى التقدم الأعلى مع وضع آليات استدامة عملية التقدّم».
وعليه نرى أن هناك كثير من المحطات التى تبنى الدولة السودانية وأولها استعادة كامل التراب وإعادة بناء المؤسسات الوطنية وهندسة فترة الكرامة.
الخرطوم 7/7/2025م
elgasaus77@gmail.com

