الشيخ عبد الحي يوسف يحذر
متابعة - الجمهورية نيوز
الشيخ عبد الحي يوسف يحذر

الشيخ عبد الحي يوسف يحذر
أثار الشيخ عبد الحي يوسف موجة من النقاشات الواسعة عقب طرحه رؤية نقدية واسعة حول ما وصفه بـ”التحولات العميقة التي يشهدها الخطاب الديني في العالم الإسلامي”، وذلك ضمن محاضرة بعنوان “أولويات الخطاب الدعوي المعاصر”. وفي حديثه، حذّر الشيخ من محاولات إعادة تشكيل المفاهيم المرتبطة بالدين، معتبراً أن المرحلة الراهنة تشهد ظهوره ما يصفه بـ”الدين المبدّل” الذي يُراد له – بحسب قوله – أن يحل مكان الدين المنزل الذي جاءت به الرسالة المحمدية.
وخلال حديثه المطوّل، أكد الشيخ عبد الحي أن ثوابت الأمة التي ظلت مستقرة عبر القرون تتعرض اليوم لما وصفه “بالإغارة الفكرية” ومحاولات إعادة صياغة المفاهيم الشرعية وتفسيرها بمعانٍ جديدة لا تتسق مع ما استقر عليه الفقهاء والمفسرون عبر التاريخ. وأوضح أن هذا التحول لا يحدث بصورة مباشرة، بل عبر مسارات ثقافية وإعلامية واجتماعية تسهم تدريجياً – حسب رأيه – في إعادة تشكيل الموروث الديني لدى الأجيال.
وأشار الشيخ إلى أن هناك مجموعة من المصطلحات الحديثة التي أصبحت شائعة في الخطابات العامة، مثل “التسامح الديني” و”التعايش الحضاري” و”تخفيف التوتر” و”الحرية المطلقة”، إلى جانب تصنيفات كـ”الإسلام السياسي” و”الإسلام الحداثي” و”الإسلام المستنير”. ويرى أن هذه المصطلحات رغم انتشارها الواسع، تحمل دلالات تتجاوز معناها الظاهري، وتمتد إلى إعادة تقديم الدين في قوالب جديدة قد تؤدي – كما قال – إلى تغيير البنية الفكرية التي تأسس عليها الفقه الإسلامي عبر العصور.
وفي سياق موازٍ، انتقد الشيخ عبد الحي ما اعتبره “حملة منظمة” لتهميش جملة من المصطلحات الشرعية الأصيلة مثل “الكفار” و”الجهاد” و”الولاء والبراء” و”الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. وأكد أن استخدام هذه المصطلحات في عدد من الدول بات محل حساسية قد يثير انتقاداً اجتماعياً وسياسياً، رغم أنها – كما قال – جزء من النصوص الشرعية الواضحة. وأضاف أن كثيراً من المتحدثين والدعاة باتوا يتجنبون استخدام هذه المفردات خشية تصنيفهم ضمن الفئات المتهمة بالتحريض أو بنشر الكراهية.
وأوضح الشيخ عبد الحي خلال المحاضرة أن هذا التغيير في التعامل مع المصطلحات لا يقتصر على اللغة فحسب، بل يشمل – في رأيه – إعادة صياغة الوعي الديني نفسه، بحيث تنشأ الأجيال على مفاهيم جديدة وتبتعد تدريجياً عن المفردات التي شكّلت جزءاً من الذاكرة الدينية التاريخية. واعتبر أن هذا الواقع يفرض على الدعاة والعلماء ضرورة إعادة تحديد أولويات الخطاب الدعوي، والحرص على تقديم المفاهيم الشرعية بلغة واضحة ومنضبطة تراعي الواقع لكنها لا تتخلى عن الأصول.
وأشار الشيخ كذلك إلى أن هذه التحولات قد تُفهم أحياناً على أنها محاولات للتخفيف من حدة الاستقطاب أو لتقديم الدين بما ينسجم مع السياق العالمي، لكنه يرى أن هذه العملية قد تؤدي إلى “فقدان المعايير الشرعية” إذا لم تتم داخل إطار علمي منضبط يوازن بين الأصل والمستجد. ودعا إلى ضرورة بناء خطاب دعوي يجمع بين الفهم الشرعي والقدرة على مخاطبة المجتمع المعاصر دون انزلاق إلى صدام أو تنازلات تؤثر على الجوهر.
وتأتي محاضرة الشيخ عبد الحي يوسف في ظل نقاش متصاعد داخل الأوساط الدعوية والفكرية حول ملامح الخطاب الإسلامي في الزمن الراهن، خاصة مع توسع منصات التواصل الاجتماعي وتحوّلها إلى ساحات مفتوحة للنقاش بين أطياف فكرية متعددة. وقد لقيت المحاضرة تداولاً واسعاً عبر مواقع التواصل، حيث رأى البعض أن الشيخ يسلّط الضوء على تحديات حقيقية تخص الهوية الدينية، فيما اعتبر آخرون أن فهم المشهد الديني المعاصر يتطلب أدوات أكثر مرونة تراعي التطورات الاجتماعية والثقافية العالمية.
وتتوفر المحاضرة كاملة على منصة يوتيوب، للراغبين في متابعة التفاصيل الكاملة لما طرحه الشيخ عبد الحي يوسف حول أولويات الخطاب الدعوي وأبرز التحديات المرتبطة بالمفاهيم الدينية في العصر الحديث.

