الفريق طيّار عماد عبد المنعم محمد..عاشق الأجواء وصاحب السابقة النادرة

الجمهورية نيوز :صبري عمر 

في سماء الوطن، حيث تتشابك مسارات الطائرات مع حكايات الرجال الذين وهبوا أعمارهم لخدمة البلاد من علُ، تبرز سيرة الفريق طيار “عماد عبد المنعم محمد” كواحدة من الصفحات المشرقة في تاريخ الطيران السوداني، العسكري والمدني.

 

من الدناقلة بحري، خرج هذا الفتى الحالم بالأفق البعيد، فكانت وجهته منذ البداية السماء. التحق بكلية الشرطة في الدفعة 49، وهناك بدأت رحلته مع الانضباط والالتزام والولاء، لكنها لم تتوقف عند حدود الأرض، بل امتدت إلى الفضاء الرحب، حين اختار أن يحلق بجناحين من حُلم وإرادة.

 

أكمل دراسته للطيران، لينتدب بعد تخرّجه إلى القوات الجوية السودانية، وهناك صقل مهاراته وخبراته في الطيران العسكري. ثم عاد ليُسهم بإخلاصه وكفاءته في تطوير طيران الشرطة، ذراع الأمن الجوي الداخلي، وكان أحد أعمدته الراسخة وركناً لا يُستهان به.

 

لكن تميّز الفريق عماد لم يقف عند حدود المؤسسات، فقد جمع بخبرته النادرة وحنكته الميدانية بين العمل في الشرطة والقوات الجوية وجهاز المخابرات العامة، وهي سابقة نادرة في تاريخ الكوادر النظامية، ما جعله شخصية ذات وزن استثنائي في دوائر القرار والتنفيذ.

 

واصل مشواره بعد ذلك في شركة الراية الخضراء للطيران، قبل أن يتوّج مسيرته بتأسيس وإدارة الطيران الرئاسي – الطيران الوطني، وهو إنجاز لم يكن مجرد منصب إداري، بل كان ثمرة عقود من التجربة المتراكمة والرؤية الثاقبة، وكان في كل موقعٍ يحلّ فيه رجلًا جامعًا بين الصرامة العسكرية واللطف الإنساني، وبين الحرفية المهنية والولاء الوطني.

 

عُرف الفريق عماد عبد المنعم بأنه محبوب وسط زملائه ومرؤوسيه وكل من عرفوه في مجال الطيران، رجلٌ يسبقك بابتسامته، ويشدّك بأدبه، ويترك فيك أثرًا لا يُنسى بكفاءته ونبله.

 

لم تكن الطائرات وحدها ما حلّق به، بل كانت سيرته في سماء الطيران علامة مضيئة على ما يمكن أن يصنعه العشق الحقيقي للمهنة، والالتزام الصارم بالقيم، والقدرة الفائقة على التكيّف مع مختلف البيئات النظامية والمهنية.

 

في زمن قلّ فيه الثبات وتغيّرت فيه المفاهيم، بقي الفريق عماد عبد المنعم نموذجًا للثبات على المبادئ، وللرجل الذي يجعل من سماء وطنه وطنًا آخر للانتماء، ومن كل رحلة طيران قصة وفاء واحتراف.

 

سلامٌ على رجلٍ حمل السودان في قلبه، وحلق به في عنان السماء، متعك الله بالصحة والعافية كابتن عماد.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا