الهلال والأميرة السمراء

تقرير : فهمي محمد السيد

 لم يكن أكثر المتفائلين من جمهور كرة القدم بالسودان يتوقع أن يبدأ الهلال مشواره بالنسخة الحالية لبطولة أندية إفريقيا بثلاثة انتصارات متتالية ، وعلى أندية مصنفة مثل تي بي مازيمبي الكونغولي الحائز على لقب البطولة خمس مرات ، و مولودية الجزائري الحائز عليه مرة ، و الشباب التنزاني الفريق الساطع مؤخراً في سماء الكرة الإفريقية و المصنف ثانياً في المجموعة .

 

تعتبر بطولة الأندية الأفريقية هي الأهم على مستوى الأندية واللاعبين وكل أضلاع اللعبة للزخم الذي يتوفر لها كونها كبرى بطولات الكاف، فهي الطريق المؤدية لبطولة كأس العالم للأندية ، وهناك عامل يكتسب أهمية كبرى خاص باللاعبين يتعلق بأن البطولة تمثل محط أنظار العالم ووكلاء اللاعبين للبحث عن المواهب والدرر غير المكتشفة بقارة إفريقيا ، بالتالي قد تكون معبراً للانتقال للدوريات الأوروبية أو دوريات تحمل تصنيفاً أعلى تعود بالنفع للاعبين والأندية والمنتخبات الوطنية ، و تمثل فتحاً في عالم المستديرة ، فضلا عن الجوائز المادية الضخمة التي يجنيها الفريق الفائز بالمنافسة .

 

إندلعت حرب طاحنة منتصف أبريل في العام قبل الماضي بالخرطوم ، وامتدت لتشمل عددا من ولايات السودان ، توقف على إثرها النشاط الرياضي تماما بالبلاد ، الشئ الذي دفع البعض للمطالبة بالانسحاب من الاستحقاقات الخارجية ، فكان التحدي كبيراً لأندية الهلال والمريخ لخيار التواجد في بطولة (كاف) الكبرى ، فتم إختيار المشاركة في الدوري الموريتاني بعد موافقة كل الأطراف حتى يتمكنا من الإستمرارية في النشاط ، و يتجنبا ما حدث العام الماضي من توقف ألقى بظلاله على استمرارية الناديين الكبيرين في البطولة الكبرى.

 

وضعت إدارة نادي الهلال مشروعاً قبل ثلاث سنوات يمكن النادي من الحصول على الأميرة السمراء (كأس أفريقيا) التي استعصت عليه سنوات خلت ، وكاد الفريق ان يحقق غايته ، عندما وصل إلى النهائي عامي ٨٧ و٩٢ أمام الأهلي المصري والوداد البيضاوي المغربي ، وظل النادي في ظل تعاقب عدد من الادارات ورؤساء النادي يبحث عن هذا اللقب لكتابة مجد تتفاخر به الأجيال ، الى ان جاءت الإدارة الحالية ، وبدأت في وضع خطط طويلة الأمد ولم تستعجل كسابقاتها ، فاستقطبت مدير فني ذاع صيته بالقارة بعد حصوله على لقب الكونفدرالية مع نهضة بركان المغربي “فلوران أبيينغي” و أطلعته على المشروع الذي وجد هوى في نفسه ، ومنحته كافة الصلاحيات في استقطاب لاعبين واختيار معاونيه .

 

بدأ فلوران العمل واستجلب محترفين ينفذون خططه ، ولم يحالفه التوفيق في الوصول إلى الأدوار الإقصائية في العام الأول شأن البدايات التي تتطلب عملا شاقاً ، وفي العام الثاني ارتقى بالفريق لدور المجموعات غير ان ظروف الحرب حرمت النادي من النشاط الداخلي فخرج الفريق من دور ال١٦ رغم انه كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل ، بجانب الجنوب أفريقي صن داونز على حساب الأهلي المصري .

 

تمسك الكونغولي أبيينغي بالهلال رغم العروض التي تلقاها ولم يتخلى عنه بعد اندلاع الحرب لإستكمال مشروع فني أسس له يتكامل مع أهداف النادي والادارة التي استجابت لكل طلباته فيما يتعلق باللاعبين ، وأصبحت قائمة الهلال تضم لاعبين لا تتأثر بغياب أحد ، فكان الايفواري عيسى فوفانا حارس المرمى وخط دفاع فولاذي بقيادة السنغاليان عثماني ضيوف وميندي بجانب الموريتاني خاديم دياو ، ومواطن المدير الفني الكونغولي ستيفن ايبويلا ، وبني فلوران ترسانة وسط دفاعية كان لها القدح المعلى في انتصارات الفريق الأخيرة ، قوامها الموريتاني قاساما فوفانا صاحب التجارب في أوروبا والسنغالي حاج ماديكي ، وفي صناعة اللعب ضم الفريق سنغالي آخر هو إيمي تنديينغ ، وفي الأطراف الهجومية تزين كشف الهلال بالمالي الموهوب آداما كواليبالي الذي أحرز هدفاً في الشباب التنزاني تحدثت عنه “الميديا” العربية والافريقية ، وبينما كان كواليبالي يشغل الرواق الأيمن للهلال بمهاراته وسرعاته ، رسم البورندي جان كلود الدهشة في الجهة اليسرى جعلت معلق البي إن سبورت يطلق عليه (جان كلود فاندام) ، ويتوسط هذين النجمين قائد الفريق محمد عبد الرحمن الملقب بالغربال ، فضلا عن محترفين آخرين ما زالوا يتحينون الفرصة لاثبات ذاتهم التونسي بن زيتون والايفواري بوكو ، بجانب الوطنيين ياسر مزمل وعبد الرؤوف وصلاح عادل وياسر جوباك وبوغبا و الطيب عبد الرازق وأحمد سعيد إرنق وابو عشرين وبقية العقد الفريد .

 

وضعت هذه الفرقة نصب أعينها آهات الوطن والحزن الذي سيطر على جنباته ، وفتحت “نفاجاً” للفرح ، وفاجأت الجميع بمستوى مذهل ومبهر وصرعت كل من واجهها إبتداء من الدوري الموريتاني الذي تتصدره دون هزيمة ، ثم إنفتحت وإنطلقت نحو أهدافها الكبرى ببطولة الأندية الإفريقية لتكتسح أمامها التنزاني و الكونغولي و الجزائري ، لم يقف أمامها البعد عن الديار وافتقاد الجمهور زاد الفرق في هكذا منافسة ، فازت عليهم في ديارهم وفي أرض المليون شاعر في سابقة لم يتعود عليها الجمهور السوداني ، وجمعت النقاط كاملة حتى الآن ، وحققت إنجازاً لم تحققه فرقة بالمجموعات الأخرى ، بل أنهى الهلال العام ٢٠٢٤ دون هزيمة .

 

ظل الجمهور المتابع للهلال عن قرب يندهش عند بداية كل مباراة من التشكيل الذي يلعب به فلوران ابيينغي والمتغير من مباراة لأخرى ، من الدفاع مرورا بالوسط الى الهجوم ، ويتساءل عن سر وجود هذا اللاعب بالتشكيل وعدم الدفع بذاك ، فينتصر الفريق في نهاية المباراة وتنتصر خيارات المدرب الذي يملك فريق عمل بقيادة إثيوبي الجنسية يعمل محللاً لأداء الفرق المنافسة يقوم بتحليل طرق لعب خصوم الهلال ويضعها أمام المدير الفني والذي بدوره يضع تشكيلته وخطته على أساسها ، واللاعب المناسب في المباراة المناسبة وتكون المحصلة النهائية فوزاً باهراً .

 

تتطلع الأوساط الرياضية الى أن يسير الهلال على هذا النهج من واقع التصريحات التي خرجت من مسئوليه ولاعبيه والتي تحلت بالمسئوولية واحترام المنافسين ، وعاملا آخر حسبه الجميع خصما عليهم تم تطويعه ليكون خيراً لهم هو البعد عن الجماهير والتأثير السلبي واللعب بأريحية تكفل له التقدم في المنافسة أكثر ومواصلة الانتصارات ، ومن ثم خطب ود الأميرة السمراء فهل يفعلها ؟ .

 

#سونا #السودان

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا