بنك السودان المركزي.. سياسات رشيدة في مواجهة المخاطر وتجنب الانهيار.. 

الجمهورية نيوز

تمر البلاد بتدهور اقتصادي كبير انحدرت معدلاته لتصل مراحل بالغة التعقيد وذلك في أعقاب اشتعال الحرب بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع، والتي تسببت في تراجع صادرات البلاد وتدني الايرادات الحكومية، وانخفاض سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار، والخسائر الكبيرة في القطاع المصرفي، وارتفاع معدل العجز في الميزان التجاري إلى جانب خسائر القطاعات الاقتصادية الاخرى التي بسببها تعيش البلاد حاليا أزمة مالية تجتهد الحكومة في ادارتها بالشكل الذي يجنب البلاد خطر الانهيار الكامل.

 

العمود الفقري

 

 

وبفعل الجهود الضخمة التي بذلها البنك المركزي خلال الأسهر الماضية تجنبت البلاد مخاطر مالية عديدة كادت أن تؤدي إلى الانهيار الكامل للاقتصاد وللدولة سيما في ظل الخسائر التي حدثت بالقطاعات المختلفة وخاصة الجهاز المصرفي الذي يعتبر العمود الفقري لادارة اقتصاد البلاد، ورغم تأثره بالحرب وتدمير البنية التحتية وخسائر الكتل النقدية إلا أن البنك المركزي نجح في إدارة الأزمة وتمكن في قيادة دفتها نحو بر الآمان بتروي وقدرة ساعدت على إحداث التوازن المطلوب وتلافي الانهيار.

 

 

إجراءات بنكية

وقبل أيام مضت حدد البنك المركزي السوداني الأسعار المرجعية لصرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني الذي فقد كثيرا من قيمته بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، حيث أعلن محافظ بنك السودان المركزي، برعي الصديق، قرارا قضى بوضع حد للسحب اليومي من أموال العملاء بالبنوك، ورفع سقف التحويلات عبر التطبيقات المصرفية، وقال برعي، إن “البنك رفع سقف التحويلات عبر التطبيقات البنكية إلى 15 مليون جنيه يوميا، بدلا عن 6 ملايين جنيه”، وأشار إلى أن البنك حدد سقف السحب اليومي عبر نوافذ البنوك بـ300 مليون جنيه يوميا، كما حدد السحب اليومي عبر الصرافات الآلية بـ50 ألف جنيه يوميا”، ولفت إلى أن “القرار يهدف لوقف التدهور المستمر لقيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى”، مشيرا إلى أن أسباب تدهور العملة المحلية متعددة، يأتي على رأسها “توسع البنك المركزي في تقديم الاستدانة لوزارة المالية”، وأضاف أن “وزارة المالية فقدت معظم مصادر إيراداتها، وبالتالي تحمل البنك المركزي وحده مسؤولية الصرف نيابة عنها”، وكشف محافظ بنك السودان المركزي عن إغلاق حسابات في عدد من البنوك بسبب المضاربة في العملة بالسوق الموازية”.

 

 

غرفة طوارئ

 

وعمد بنك السودان المركزي منذ الأيام الأولى لاندلاع المواجهات المسلحة إلى تجنب الكارثة وتخفيف الاثار، باجراء بعض السياسات الهادفة لادارة الأزمة والسعي بجهد ومرونة كاملة للتعاطي مع الأزمة المالية عبر مجموعة من الإجراءات التي اتبعها في العام الماضي، حيث ظل البنك المركزي يعمل ومن خلال غرفة الطوارئ التي شكلها

لإدارة الأزمة الناجمة عن اندلاع الحرب برئاسة محافظ البنك وضمت مديري عموم كافة المصارف على التنسيق المستمر مع وزارات المالية و التجارة و المعادن والوزارات ذات الصلة لمعالجة المعوقات التي تواجه القطاع الاقتصادي كما عمل على وضع الترتيبات اللازمة لاستئناف إجراءات منح التمويل المصرفي للقطاعات المختلفة.

 

 

إستقرار الجهاز المصرفي

 

 

وفي سياق جهود المركزي لمواجهة تحديات الأزمة المالية فقد أصدر مجموعة من الضوابط والإجراءات المتعلقة باستئناف عمليات التصدير والاستيراد، فضلا عن تبني البدائل والحلول التي تمكن المصارف من التعامل مع الآثار والخسائر المترتبة على هذه الأزمة وذلك في إطار القوانين والمعايير المحاسبية والرقابية المنظمة للعمل المصرفي وبما يحفظ حقوق المودعين والمتعاملين مع المصارف ويحقق سلامة واستقرار الجهاز المصرفي.

 

النجاح يحقق الرضا

 

 

ونجح المركزي في استعادة الربط الشبكي والتطبيقات والنظم المصرفية الألكترونية بالمصارف لاكتمال دائرة الدفع الإلكتروني، إلى جانب إصدار الضوابط ووضع الترتيبات اللازمة لاستئناف إجراءات منح التمويل المصرفي للمستفيدين في القطاعات المختلفة خاصة القطاع الزراعي والقطاعات الصغيرة وصغار المنتجين، وقد حققت هذه الضوابط رضا كبيراً لدى قطاعات المزارعين والقطاعات الأخرى.

 

 

ضوابط متنوعة

 

 

وهناك ضوابط أخرى أصدرها البنك المركزي تتعلق بإجراءات نظام الصادر والاستيراد الورقي لمعالجة عجز الميزان التجاري، والتأكيد على أن ودائع الجمهور لم ولن تتأثر بأعمال النهب والتخريب التى طالت عدداً من المصارف، وظل بنك السودان المركزي يعمل عبر غُرف ادارة الأزمة على تعزيز ثقة المتعاملين مع الجهاز المصرفي وتحقيق السلامة المالية، خاصة وأن الجهاز المصرفي قد تعرض لأعمال نهب وتخريب وهجوم منظم طال بعض فروع بنك السودان المركزي وفروع المصارف التجارية بولاية الخرطوم وبعض الولايات المتأثرة بالحرب، بما تسبب في عدم الاستقرار في تقديم الخدمات المصرفية بصورة طبيعية وتوقف بعضها خاصة وأن البنك المركزي و رئاسات المصارف في ولاية الخرطوم تقع في محيط ميدان المعركة ،وتأثر القطاع المصرفي بالاضرار التي حدثت في الكهرباء والاتصالات، وبالرغم من كل تلك التحديات إلا أن المركزي نجح في اجتياز مرحلة الخطورة وادارة الأزمة بما يحقق مطلوبات اقتصاد الحرب والحفاظ على سلامة وأداء الجهاز المصرفي وذلك بوضع الترتيبات اللازمة.

 

 

فعالية المحافظ

 

وفي السياق ذاته كان محافظ المركزي فاعلا في اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمات، و في لجنة السلع الاستراتيجية، كما أفلح البنك المركزي أيضا خلال العام الماضي في إدارة النقد المتوفر بفروع البنك لتوفير المرتبات و التسيير لبعض القطاعات خاصة وان وزارة المالية الإتحادية فقدت مصادر الإيرادات بسبب الحرب.

 

 

إجراءات إستثنائية

 

 

كما تمكن بنك السودان المركزي من مزاولة بعض أعماله التي كانت تدار بصورة مركزية من خلال عدد من فروعه، و فتح نوافذ لشراء النقد الأجنبي ومتابعة إجراءات الصادر ووضع ترتيبات وإجراءات ساعدت على انسياب التحويلات الخارجية بالنقد الأجنبي، واستئناف عمل المصارف بفروعها في الولايات التي لا تواجه مخاطر الحرب،و السماح بفتح حسابات للجهات الحكومية في المصارف بتفويض من وزارة المالية كإجراء استثنائي مؤقت، كما سمح المركزي بتجاوز شرط سريان صلاحية الأوراق الثبوتية المنتهية في أو بعد 15 أبريل 2023م طالما يتم تقديم أصل المستند، وتمديد فترة صلاحية البطاقات المصرفية التي انتهت صلاحيتها وذلك لمدة ستة أشهر من تاريخ التجديد، فضلا عن السماح للمصارف بفتح فروع في الولايات لتقديم خدماتها المصرفية.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا