حوار مع المبعوث الأمريكي للسودان : الوضع في السودان يستحق المزيد من الاهتمام العالمي
متابعات : الجمهورية نيوز
اعتبر المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيرلليو، أن اليوم السابق كان يوماً ذا أهمية كبيرة قال في حديث خاص لراديو دبنقا: “لقد أتيحت لنا الفرصة لزيارة بورتسودان، وأعلم أن ذلك يعني الكثير للشعب السوداني. على مدار العام الماضي، استمعت إلى آلاف السودانيين من مجتمعات اللاجئين وفي معسكرات اللاجئين، بالإضافة إلى العديد من السودانيين داخل السودان عبر تطبيق زووم ووسائل أخرى.
ولكن الحقيقة أن اللقاء مع الناس على الأرض والتحدث مع أعضاء المجتمع المدني وقادة القبائل والاستماع إلى آمالهم المستمرة في إنهاء هذه الحرب ووقف الفظائع هو أمر خاص.” وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن الولايات المتحدة تعتبر المانح الرئيسي للمساعدات الإنسانية للسودانيين في الداخل وكذلك للذين فروا إلى معسكرات اللاجئين. وأضاف قائلاً: “لقد كنا دائماً مهتمين بإيصال هذه المساعدات إلى الأشخاص الذين بحاجة إليها في ولايات السودان الثمانية عشر. لقد أحرزنا تقدماً كبيراً في الفترة الأخيرة من خلال توصيل المزيد من الغذاء والأدوية حتى لأولئك الذين يعيشون في مناطق نائية حول كادوقلي وحتى في ولاية الجزيرة بعد حدوث هذه الفظائع المروعة، ونعتقد أنه لا يزال هناك الكثير ليتم إنجازه.”
اجتماعات بناءة في بورتسودان
وصف بيرييلو، في حديث خاص لراديو دبنقا، اجتماعاته في بورتسودان بأنها كانت مثمرة فيما يتعلق بكيفية إيصال المزيد من الغذاء والدواء إلى مناطق أخرى في السودان، وكذلك في ما يخص إنهاء الحرب “واستعادة تطلعات الشعب في أن يتولى مسؤولية مستقبله بنفسه نحو تشكيل حكومة ديمقراطية مدنية”.وأضاف قائلاً: “كانت هناك اجتماعات مثمرة بين الدولتين والشعبين، ولكن لا يزال هناك الكثير من الجهود التي يجب بذلها نتيجة للمآسي التي يعاني منها العديد من الإخوة والأخوات في السودان.”
وفيما يتعلق بالنتائج العملية لزيارته لبورتسودان، أكد بيرييو: أن “الاجتماعات مع السودانيين خلال الأشهر والأسابيع الماضية كانت واضحة، حيث يرغب الناس في ضمان وصول الغذاء والدواء بشكل عاجل، وكذلك التأكيد على أن هذه الحرب ستنتهي وتفتح المجال لتشكيل حكومة مدنية”. وأضاف “فيما يخص النتائج التي تم التوصل إليها خلال الأسابيع الماضية، والتي تم التأكيد عليها في اجتماعات الأمس، فإنه يوجد تدفق أكبر من المواد الغذائية والأدوية القادمة من بورتسودان عبر طريق الدبة، بالإضافة إلى معبر أدري وجزء من طريق سنار. كما تم الحصول على تصريح لرحلات طيران إلى ستة مناطق في السودان، وقد شهدنا عمليات نشطة لتوصيل المساعدات إلى منطقتين، من ضمنهما كادوقلي، ونحن بحاجة إلى استمرار وتوسيع هذه الرحلات الجوية.”
زيادة كبيرة في حجم المساعدات
وأشار بيرييلو إلى أنهم لاحظوا زيادة تصل إلى 50% في كميات الطعام والدواء التي يتمّ نقلها خارج بورتسودان بعد أن كانت في البداية تنتقل ببطء. وأضاف “نحن نلاحظ أن الكميات بدأت تزداد، وقد رصدنا وصول كميات من الغذاء والدواء إلى بعض المناطق النائية في إقليم دارفور، ونحن نأمل أن تُعتبر جميع ولايات السودان الثمانية عشر أولوية”. أكد توم بيرييلو على أهمية بذل الجهود لتوفير الطعام للمناطق التي تعاني من النزاعات العسكرية. وأضاف “نحن نعلم أن هذا الأمر معقد، لكننا أوضحنا للسلطات أننا يمكننا العمل على إنشاء ممرات ومعابر إنسانية، كما يمكننا استكشاف سبل مبتكرة لضمان إيصال الطعام والدواء وحتى اللقاحات إلى مناطق القتال”. وأضاف قائلاً: “نرغب في التأكد من استمرارنا في ذلك، خاصة في المناطق الصعبة مثل الجزيرة والخرطوم في الوقت الحالي، وعلينا أن نشهد استجابة من المجتمع الإنساني، وسنكون جاهزين لدعمها.”
الهدف العودة للحكم المدني
فيما يخص عملية السلام، صرح المبعوث الأمريكي، في حديث خاص مع راديو دبنقا، بأنهم يؤيدون أهمية توحيد جميع الأطراف المعنية في النزاع. وأضاف “ونحن أيضاً ندعم الاستماع لشعب السودان فيما يتعلق بالوصول إلى حل لهذا النزاع واستعادة الانتقال نحو حكومة مدنية.”
وقال: “نلاحظ حاليا تصاعدا في المعارك بتكاليف مرتفعة على الشعب السوداني في المقام الأول، بالإضافة إلى التكاليف الكبيرة على الإقليم، حيث لا زلنا نشهد تدفقا للاجئين، كما أننا قلِقون بشأن التفاعلات العرقية والإقليمية الناتجة عن هذه الحرب”. وكشف توم بيرييلو أنه أبلغ رئيس مجلس السيادة، البرهان، وغيرهم عن الرغبة في التوصل إلى حل لهذه الحرب، وأن الأمر أصبح يمثل حاجة ملحة. وأضاف أن الولايات المتحدة، كطرف ناشط، مستعدة لدعم هذا الجهد “ليس فقط لإنهاء هذه الحرب، بل نأمل أن تكون آخر حرب يخوضها السودان من خلال التعامل مع بعض القضايا التي لم يتم التركيز عليها من قبل السودانيين لفترة طويلة”.
الموقف الروسي في مجلس الأمن
وصف بيرييلو موقف روسيا في مجلس الأمن باللجوء إلى الفيتو بأنه مؤسف. وأضاف “لا أستطيع تخيل مدى الألم الذي شعرت به الشعب السوداني وهم يشاهدون روسيا تتلاعب بهذه الطريقة مع دعوة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد وتوسيع المساعدات الإنسانية”.
وأكمل قائلاً: “من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف مع الشعب السوداني من خلال مساهمتها الإنسانية الكبيرة وتعمل من أجل السلام، وأن قيادتها في مجلس الأمن عبر السفيرة توماس غرينفيلد ساهمت في تحقيق تلاحم واسع بين الأفارقة والشركاء الدوليين حول ضرورة إعطاء المزيد من الاهتمام للسودان، وزيادة الدعم والتضامن مع الشعب السوداني. ومن المؤسف أن روسيا اختارت إرسال إشارات مختلفة.” وأكد الدبلوماسي الأمريكي أن ما حدث أمس في مجلس الأمن ليس النهاية. وأضاف “كان هناك قرار هام، وكان ذلك فرصة لكي يرى الجميع أن الولايات المتحدة والدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن قد وقفت إلى جانب الشعب السوداني ودعمت اتخاذ إجراءات عاجلة إضافية. سنواصل نحن والآخرون بناء تحالف في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الجهود المتعددة التي تقودها السفيرة توماس غرانفيلد هناك لمحاولة تعزيز المزيد من الدعم”.
الوضع في السودان يستحق اهتمام العالم
اعتبر بيرييلو أن أحد الأمور التي يسمعها بشكل متكرر من الشعب السوداني هو أن العالم يتجاهل الحرب في السودان. وأضاف “إن العالم لا يلقي بالاً للاغتصابات والجوع والعنف الذي يحدث يومياً، وكل ذلك يستحق اهتمام العالم. وأعتقد أن السودانيين يشعرون بالامتنان لأن الولايات المتحدة هي واحدة من الدول القليلة التي تهتم بهذا القضايا. ولا يقتصر الأمر على الرئيس بايدن فقط، بل لدينا دعم واسع من كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، في مجلس الشيوخ، بما في ذلك تأييد رئيس لجنة العلاقات الخارجية، السناتور ريتش، الذي يولي اهتماماً كبيراً للسودان وضرورة إنهاء المعاناة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع”. أكد بيرييلو في حديث خاص لراديو دبنقا أن السودانيين سيستمرون في متابعة هذا العمل القادم من الولايات المتحدة. وقال: “أعتقد أنكم لاحظتم الكثير من ذلك في الأمم المتحدة من إخواننا وشركائنا، ومن المؤكد أن ما حدث أمس لن يكون النهاية. لكن أعتقد أن ذلك ساعد على الأقل الشعب السوداني في معرفة من يقف إلى جانبهم في هذه الأوقات الصعبة”.
التزام امريكي عميق تجاه السودان
وفيما يتعلق بدوره في المستقبل بعد مباشرة الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها، أكد توم بيرييلو على نقطتين، الأولى هي استمراره في العمل بنشاط فيما يتعلق بالسودان. وأضاف “لقد بقيت على هذا الحال لمدة عشرين عاماً، ولدي الكثير من المشاعر الإيجابية نحو الشعب السوداني، وكان من الرائع أنني زرت بورتسودان بالأمس، وأتمنى أن أتمكن من قضاء المزيد من الوقت هناك”.
وأضاف قائلاً إن “الولايات المتحدة ملتزمة بشكل عميق تجاه السودان وشعبه، وهذا الأمر صحيح في كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية، وكذلك في مجلس النواب حيث كنت أعمل، وأيضاً في مجلس الشيوخ”.
وأضاف: “يوجد حب كبير والتزام قوي تجاه الشعب السوداني، وأعتقد أن ذلك سيتواصل. لا يمكنني التحدث باسم الرئيس المقبل وما الذي سيقرره، لكنني أعلم أن هناك الكثير من الأشخاص في حزبه وحوله لديهم تاريخ طويل مع السودان. لذلك، آمل وأتطلع لاستمرار هذه الشراكة، وسأكون جاهزًا للمساهمة بأي شكل، بما في ذلك كوني مواطنًا من الولايات المتحدة وإنسانًا يهتم بعمق بمعاناة الآخرين، كما نرى في السودان، وبإلهام لا حدود له”.