خالد الفكي سليمان ..”الدبة”.. مدينة النخوة تبني جسور الكرامة لنازحي الفاشر
رصد : الجمهورية نيوز

في مشهد يختصر معدن أهل السودان الأصيل، استقبلت مدينة الدبة بالولاية الشمالية أفواجاً من النازحين والفارين من جحيم ميليشيات آل دقلو الإرهابية ومرتزقتهم، الذين حولوا فاشر السلطان من رمزٍ للصمود والثبات إلى مسرحٍ للمجازر والدمار والتطهير العرقي. لم يجد الآلاف من أهالي الفاشر أمامهم سوى طريق النزوح الطويل والشاق نحو الدبة، بعد أن أغلقت أمامهم مدن دارفور الأخرى التي يتغنى بها إعلام آل دقلو الزائف بشعارات “العدل” و“الديمقراطية” و“العدالة الاجتماعية” بينما تغرق في الدماء والانتهاكات.
قوافل النزوح قطعت مئات الكيلومترات في رحلة محفوفة بالعذاب، بين العطش والجوع والخوف، لكنّ الدبة فتحت ذراعيها لهم بكل سخاء ودفء إنساني. وفي مقدمة المواقف المشرفة، برز اسم رجل الأعمال والإحسان أزهري المبارك الذي سارع بإنشاء معسكر إيواء للنازحين وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، في مبادرة إنسانية نبيلة تجسّد أصالة الشمال السوداني في التعاطي مع أزمات الوطن، وتؤكد أن قيم التراحم والتكافل لا تزال تنبض في شرايين هذا الشعب رغم أنين الحرب والجراح.
لقد ضرب أزهري المبارك مثلاً حياً في المسؤولية الوطنية والاجتماعية، حين هبّ لمساندة إنسان دارفور الذي يواجه الموت والسحل والاغتصاب والتشريد على يد ميليشيات فقدت كل معاني الإنسانية. وفي الوقت الذي يلتزم فيه العالم ومنظماته الحقوقية والإنسانية صمتاً مريباً أمام مأساة الفاشر وحصارها الذي تجاوز اثنين وعشرين شهراً، ينهض أهل الدبة بواجبهم الأخلاقي والوطني، مؤكدين أن السودان، مهما تكالبت عليه المحن، يبقى واحداً في الوجدان والمصير.
إن الواجب اليوم يحتم على الحكومة وأجهزتها المختلفة أن تبادر بدعم نازحي الفاشر المقيمين في معسكر أزهري المبارك، عرفاناً لصنيعه وشكره، وتقديراً لموقف إنساني سيظل محفوراً في الذاكرة الوطنية، بينما العالم يتفرج والسودانيون الحقيقيون يصنعون الكرامة بالفعل لا بالشعارات.
khalidfaki77@gmail.com

