خطاب الرئيس….اسرجوا خيول الامل .. كتبه علي عسكوري
بالامس عاد الرئيس البرهان من نيويورك بعد ان خاطب الجمعية العامة للامم المتحدة.
ذهب الرئيس في مهمة شبه مستحيلة كما نوضح، فمن بين كل القادة السودانيين الذين خاطبوا الامم المتحدة لا تكاد الذاكرة الشعبية تذكر ايا من خطابات القادة السابقين مدنيين كانوا ام عسكريين، وذهبت مخاطباتهم لتحفظ في ارشيف المنظمة الدولية لا يكاد يذكرها احد ولايابه السودانيون مثقفيهم وعامتهم بما قال قادتهم على منبر المنظمة الدولية، ولم يكن هنالك اهتمام عام بسفر القادة او عودتهم و ظل الناس يتعاملون مع الحدث كواجب روتيني ييقوم به قادة الدولة كجزء من مهامهم، شمل ذلك بالطبع مخاطبة السيد حمدوك اذ لا احد يذكر ما قال في الامم المتحدة رغم انه كان رئيس وزراء لحكومة يفترض انها حكومة (ثورة شعبية)!
غير ان اللافت هذه المرة ان خطاب الرئيس برهان حظى باهتمام شعبي غير مسبوق حتى قبل سفره واشتعلت الوسائط الاجتماعية بالتعليق والتحليل والتوقعات عن ما سيرد او ما سيقوله الرئيس في خطابه للعالم خاصة وان بلادنا تمر بأكبر كارثة في تاريخها منذ استقلالها، اذ وقعت ضحية لغزو ارهابي تتاري ممعن في البربرية.
اختلط الشعور العام حول الخطاب بالامل والتوقع المتوجس بل وضع بعضهم قدرات الرئيس محل اختبار بالنظر لاهمية الخطاب واعتبروه make or break ليس فقط لقدرات الرئيس (بل) لمستقبل البلاد ومآلات الاحداث والتطورات المستقبلية فيها.
لقد كان التحدى هائلا لرئيس مزق دولته وشعبه حرب شنها ارهابيون، وتشرد مواطنوها في فجاج الارض، وضربت الفتن القبلية والجهوية عصب النسيج الاجتماعى ومزقته، وتكالب العالم عليها (اليسوي والمايسواش) تكالب الاكلة على القصعة، وطمع فيها كل نهاز وتلمظت شفاه المفترسين من كل حدب وصوب، وارتكبت فيها جرائم ابادة هزت الضمير العالمي، وطحن القتال في عاصمتها الابرياء واغتصبت الحرائر حتى اصبحت البلاد بأسرها في لجة تتقاذفها امواج لا احد يعلم متى يهدأ هياجها ويسكن صخبها.
لكل ذلك، كان على الرئيس مخاطبة مجموعات الضحايا ، الطامعين، الآملين، المواطنين، اللصوص، القتلة، المجرمين، الفاسدين، المصلحين، الصادقين، الكاذبين، والسفلة المنافقين، و (المحايدين) واؤلئك الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب..!
تلك بالطبع مهمة لا احد يود القيام بها، فالتحدى الاهم الماثل هو زحزحزة الرأى العام العالمى لمصلحة دولة تترنح في وجودها، كشرت وحوش كثيرة عن انيابها لافتراسها، فالسياسة الدولية لا تعرف المجاملات ولا العواطف.
في ثبات يحسد عليه استطاع الرئيس ان يبين للعالم ان شعبه بالكامل ضحية لمجموعة ارهابية بلا وازع ارتكبت كل الموبقات والشرور ضد مواطنية، خاصة وان للعالم بينات ووقائع تعضد من قوله، وبذلك وضع الضمير الانساني كله امام امتحان واضح. وودت لو ان الرئيس اقتبس قول الرئيس الامريكي الاسبق:” اما معنا او مع الارهابيين”. فالارهاب يجب ان يعامل بنفس القدر في اى مكان ظهر..! وما يمكن ملاحظته، هو عدم اعتراض اى جهة على طلب الرئيس بتصنيف المليشيا كمجموعة ارهابية، وهذا يعنى ان هنالك امور تجرى خلف الكواليس تتوافق مع ذلك الطلب (بل) ربما اكتملت الاستجابة للطلب قريبا، فوراء الاكمة الكثير. وفي حالة تحقق الطلب يصبح الحديث عن اى مفاوضات سياسية في خبر كان، لان الممارسة السائدة في العالم هى مواجة الارهاب و القضاء عليه وليس مفاوضته، ومن ينتظرون المفاوضات عليهم ان ينهلوا من مياه البحر الميت حتى يتجأشوا..!
اهم من كل ذلك هو حجم الامل الذى خلفه الخطاب عند المواطنيين وعند المشفقين على بلادنا وان القوات المسلحة على وشك حسم الارهاب الذى تعرضت له بلادنا في صورة غزو خارجي، وانها اصبحت قاب قوسين او ادنى من الانتصار، و لذلك جاءت المناداة للعالم بالمساهمة في اعادة الاعمار. ذلك قول لا يصدر الا من قائد تأكد من انتصار قواته نصرا مؤزرا يباهي به العالم. وان كان القارىء في شك من قول الرئيس فانظر الى قول المرجفين في بيانهم عن الخطاب (جاء مخيبا للآمال)، و (الفضل ما شهدت به الاعداء)، فكلما خابت آمالهم كلما اقتربنا من النصر وبأضدادها تعرف الاشياء كما يقال، ولكم سعدت وانا اقراء اعترافهم بخيبة آمالهم، وذلك لعمرك اجمل خبر وبمثابة تهنئة مسبقة بانتصار شعبنا على الاراهبيين ومن لف لفهم.
علينا الآن جميعا تغيير خطابنا لخطاب الامل والانتقال للحديث عن اعادة البناء والاعمار فذلك تحد من نوع مختلف يحتاج كل طاقاتنا، وبنفس الوحدة التى وقفنا بها جميعا (غير محايدين) خلف قواتنا المسلحة نتوحد لاعادة بناء واعمار بلادنا من ركام الخراب الذى احدثه الارهابيين، تلك مهمة كأدا علينا ان نطلع بها كما اطلع الجيش بواجبه وهى مهمة كل الشعب.
شكرا للرئيس برهان وشكرا لطاقم السفارة ولكل من ساهم في هذا الخطاب التاريخي، فقد نافحتهم ودافعتم عن شعبكم وبلادكم وقمتم بواجبكم بأفضل صورة من على اكبر منبر.
هذه الأرض لنا