خطاب للامة السودانية

بمناسبة الذكرى الثالثة لاتفاق جوبا لسلام السودان ومرور ما يقارب الستة اشهر على حرب الخامس عشر من ابريل

الشعب السوداني الأبى

 

اخاطبكم اليوم في الذكرى الثالثة لاتفاق جوبا لسلام السودان حيث تمر بلادنا بأسوأ كارثه إنسانية وأكبر أزمة سياسية بسبب الحرب الدائرة منذ الخامس عشر من ابريل وحتى اليوم و مع ذلك لابد من إحياء ذكرى هذا اليوم و والاحتفاء به، وشكر كل الذين بذلوا جهوداً مضنية من اجل التوصل إلى هذا الاتفاق.

إن اتفاق جوبا لسلام السودان كان محاولة جريئة تستحق الاحتفاء لانه خاطب جذور الازمة السياسية السودانية من قضايا البناء الوطنى وفي مقدمتها الترتيبات الخاصة ببناء جيش وطني ومهنى واحد ولو تم تنفيذ هذا الاتفاق لما دخلت بلادنا فى حرب اخرى في الخامس عشر من أبريل المنصرم.

الشاهد ان هنالك جهات تعمدت تعطيل تنفيذ الاتفاق بوضع العراقيل وخلق بيئة غير مواتية لتنفيذ الاتفاق ومن ابرز تلك العراقيل، انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر ٢٠٢١ و الذى جاء بعد عام من توقيع الاتفاق وما تلاه من حرب الخامس عشر من ابريل المدمرة, لم تعطل الاتفاق فقط بل عطلت مسيرة البناء الوطنى كله ووضعت السودان على حافة الانهيار الشامل, وبرغم كل التحديات و العراقيل ظلت الجبهة الثورية منذ وقت مبكر تمد يدها لتقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع داخل المكون العسكري, فبعد أقل من ثلاثة أشهر من انضمامنا إلى هياكل السلطة الانتقالية كان من الواضح بأن هنالك خلاف كبير بين قيادة الجيش والدعم السريع، وسارعنا بالتوسط بينهما لتجنيب بلادنا خطر التصادم بين الجيشين. وبعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر جلسنا مع قيادة المكون العسكري صباح الانقلاب وقلنا لهم بوضوح نحن لسنا مع هذا الانقلاب, و حذرناهم من خطورة الاستمرار فيه, و مع ذلك قررنا الاستمرار فى مؤسسات السلطة حفاظاً على الاتفاق وتفادياً للدخول فى مواجهات مسلحة مع المكون العسكري, و لم نقف في خانة المتفرجين بل تقدمنا بمبادرة سياسية وخارطة طريق لمعالجة الازمة أطلقناها من مدينة الدمازين، وتؤجت مجهوداتنا مع الآخرين فى الوصول إلى اتفاق سياسى للخروج من حالة الانقلاب، تم التوقيع عليه فى الخامس من ديسمبر ٢٠٢٢ هو ما يعرف بالاتفاق الاطاري الذي وقعت عليه أغلب أطراف الازمة وعلى رأسهم قائدى الجيش والدعم السريع والجبهة الثورية والحرية والتغيير وأحزاب سياسية وقوى مهنية ومدنية اخرى، وفى إطار سعينا لتوسيع الاتفاق الاطاري، تواصلنا مع الممانعين وبالفعل تم التوصل إلى اتفاق سياسى معهم وبمتابعة وحضور كل من القائد العام للقوات المسلحة وقائد الدعم السريع فالاتفاق الاطاري وملحقه الاتفاق السياسيى أعطانا بارقة امل جديدة فى إنهاء حالة الانقلاب واستعادة السلطة المدنية و تأسيس الجيش الواحد.

لكن كان هنالك جهات تنتمى إلى النظام المباد لم تكن ذات مصلحة فى تقدم العملية السياسية ووصولها إلى حلول تفضي إلى استقرار البلاد وقد صرحت بذلك علناً بأنها سوف لن تترك الاتفاق الإطاري يصل إلى مبتغاه، فقطعت الطريق للوصول إلى اتفاق نهائى ينهى عهد الحروب ويضع بلادنا على عتبة الاستقرار السياسي، فأشعلت حرب ١٥ ابريل، ولا زالت هذه الجهات منذ اندلاع الحرب و إلى الآن شعارها الاستمرار فى الحرب بالرغم من الخراب والدمار ومأساة السودانيين والسودانيات الذين تم الدفع بهم كنازحين ولاجئين وعالقين في حدود دول الجوار.

إن لهذه الحرب تبعات خطيرة تتمثل في الانتهاكات الواسعة والجسيمة لحقوق الإنسان والتي ندينها باغلظ العبارات ونحمل طرفي النزاع مسؤوليتهما الكاملة ، كما ندعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للتقصي حول كل الجرائم التي ارتكبت منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣ .

الشعب السوداني الأبيّ

نقولها بالصوت العالي نحن لسنا محايدون بل نحن منحازون لخيار وقف الحرب من أجل تخفيف معاناة السودانيين وبناء سودان على أسس جديدة، لذا و منذ اندلاع الحرب ظلت الجبهة الثورية تعمل مع القوى المدنية و السياسية الساعية لوقف الحرب واستعادة المسار السلمي بغرض إنهاء اسباب الحرب وبناء دولة سودانية على أسس جديدة. هذا الموقف مكننا من لعب دور مهم فى التعاطى مع الأوضاع فى دارفور من خلال القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة ، حيث قواتنا تحرس القوافل التى توصل الغذاء إلى الانسان فى غرب السودان وفي التوسط بين طرفي النزاع لاسيما فى المدن لتجنيب المواطن المغلوب على أمره المزيد من الأضرار.

انني في هذا الخطاب أتوجه لأهل دارفور بمناشدة خاصة. أقول لهم أن الأنظمة المركزية المتعاقبة ظلت تستخدم تعدد وتنوع مكونات الاقليم لصالح استمرار تهميش مكوناته بتسليحها وتجييشها ضد بعضها البعض. استخدم نظام الاتقاذ هذه الحيلة بتسليح مكونات اجتماعية ضد مكونات أخرى لقمع ثورة التحرير التي انطلقت في الاقليم. علينا ان نناهض مخططات الفتنة القبلية وان نحارب خطابات الكراهية وأن نتمسك بوحدة السودان شعباً وأرضاً.

عليه فإننا نرى في الجبهة الثورية بأنه لا مخرج من الأزمة سوى الحل التفاوضى من خلال منبر جدة للوصول إلى وقف سريع لاطلاق النار واستعادة العملية السياسية بتيسر من الايقاد ودول الجوار والاتحاد الافريقى، وفى هذا الصدد تعلن الجبهة الثورية على استعدادها لمواصلة جهودها فى التوسط بين طرفي النزاع و تقريب وجهات النظر، لما لقيادة الجبهة من معرفة وتواصل مع أطراف النزاع.

*فى الختام*، تشكر الجبهة الثورية قيادة دولة جنوب السودان ممثله في فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت و فريق الوساطة بقيادة المستشار توت قلوك لما بذلوه فى اتفاق جوبا، شكرنا موصول ايضا لقيادة دولة تشاد وجمهورية مصر العربية ودولة الامارات العربية المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة العربية السعودية، وكل الدول والمنظمات فى الاقليم والعالم.

 

كما نترحم على أرواح جميع الشهداء وضحايا حرب الخامس عشر من ابريل العبثية، و على رأسهم شهيد سلام جوبا الاستاذ خميس ابكر والى غرب دارفور .

كما ندعو مجدداً طرفي النزاع إلى ضروري تحكيم صوت العقل والعودة إلى منبر جدة للتوقيع على وقف إطلاق النار لتخفيف المعاناة الإنسانية على الشعب السوداني و تجنيب بلادنا خطر الانهيار. مع ادراكنا الكامل لحاجة البلاد إلى مقاربة شاملة وجديدة لعملية السلام على ضوء حرب ١٥ أبريل، فاننا نؤكد بأن اتفاق جوبا يشكل مرجعية مهمة للوصول لسلام مستدام في السودان يخاطب جذور الأزمة ويجعل هذه الحرب آخر حروب السودان..

 

هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الدكتور الهادي ادريس يحي

عضو المجلس السيادي الانتقالي

ورئيس الجبهة الثورية السودانية

 

التاريخ ٣ اكتوبر ٢٠٢٣

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا