عبد الماجد عبد الحميد يكتب. .. الجزيرة أبا.. ( اتقوا فتنةً لا تُصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة)..
الأزمة المكتومة بين الأجهزة العسكرية والأمنية بولاية النيل الأبيض من جهة وأهل منطقة الجزيرة أبا من ناحية أخرى.. هذه الأزمة لن تنقشع غيومها ولن تتوقف إرتدادتها إلا بمواجهة ومناقشة صريحة تضع مخاوف الأجهزة الأمنية في جانب وهموم ومشاغل مواطني الجزيرة أبا بجانبٍ آخر.. هذا هو الخيار المتاح لفك الإحتقان أو أن يكون مصير الجزيرة أبا كلها مشابهاً للواقع الحزين الذي تعيشه منطقة طيبة جنوب الجزيرة..
بتاريخ 11 يوليو الجاري أصدرت اللجنة الأمنية بولاية النيل الأبيض قراراً بتقييد ومنع حركة المواعين والمراكب البحرية.. وألقي هذا القرار بظلال اقتصادية وإنسانية قاسية علي مواطني منطقة طيبة التي يربطها بمدينة كوستي تاريخياً منفذ بحري وحيد كان يتم الوصول عبره عن طريق بنطون طيبة التاريخي..
رفضت اللجنة الأمنية لولاية النيل الأبيض المقترحات التي قدمها أهل طيبة لمعالجة المشكلة التي أضرت بمنتجي الخضر والفاكهة وشلّت الحركة من وإلي كوستي ومن ذلك تعطيل الدراسة للطلاب الجامعيين ومعاناة مرضي غسيل الكلي ومضاعفة قيمة تذكرة الوصول إلي مدينة كوستي إلي 50 ألف جنيه بدلا عن ألف جنيه فقط قبل اتخاذ القرار..
تتكتم اللجنة الأمنية بالنيل الأبيض علي دواعي قرارها الصارم.. وبذات طريقة مسح الدهن علي الصوف لم يتطرق اللقاء الجامع الذي انعقد أول أمس بالقاعة الكبري لكلية الشريعة والقانون بشمال الجزيرة أبا وضم الإجتماع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية بالنيل الأبيض بقيادة اللواء حيدر الطريفي منسق العمليات العسكرية بمحور بحر أبيض واللواء سامي الطيب قائد الفرقة 18.. ومن الجانب الآخر تنادي القطاع الأهلي بالجزيرة أبا بقيادة العمدة مصطفي حلاتو..
ناقش المجتمعون جملة هموم الأمن والمعاش بالجزيرة أبا مع التركيز ضرورة تعاون أعيان الجزبرة أبا لضمان بداية ونجاح الموسم الزراعي بمنطقة قفا وما حولها كما تم الإتفاق علي التنبيه المبكر لأي مخاطر تهدد الإستقرار الأمني بمدن الوسط.
ماخرج به إجتماع قاعة كلية الشريعة لم يخرج من طريقة معالجة الأمور بمسح الدهن علي الصوف.. حتي لا تلحق بقية أحياء وقري الجزيرة أبا بما جري ويجري لأهل منطقة طيبة لابد من طرح مخاوف الجهات الأمنية بولاية النيل الأبيض من جهة ومصالح وهموم أهل الجزيرة أبا من الناحية الأخري..
هنالك حديث علني في مجالس الأمن والسياسة ببحر أبيض عن وجود خلايا نائمة داخل الجزيرة أبا.. هذه الخلايا تتبع لمليشيا التمرد .. والجهات التي تقول بهذا الإتهام لا تملك دليلا ملموساً لكن الوقائع والشواهد تؤكد هواجسها الأمنية..
تري الجهات السياسية داخل الولاية أن هنالك تنامي لرأي عام مساند وداعم لمليشيا التمرد داخل الجزيرة أبا.. وأن هذا الموقف تقف خلفه كوادر حزب الأمة القومي التي تجاهر برايها الناقد للجيش والمتماهي مع مليشيا التمرد..
ترصد الأجهزة المختصة حركة سفر منتظمة من أبا إلي الخرطوم وهي ذات حركة السفر من مدن أخري في الولاية إلي الخرطوم ومدنها وأحيائها التي تقع تحت سيطرة مليشيا التمرد وهو ماينفي شبهة علاقة خاصة بين الجزيرة أبا وهاربين أو متسللين من مليشيا التمرد إلي المدن الآمنة في وسط النيل الأبيض عامة..
جملة هذه المخاوف وغيرها لم تخضع بعد لنقاش واضح وصريح مع العقلاء من القيادات المجتمعية الحية في الجزيرة أبا.. وجملة هذه الهواجس لم يتم بحثها ولا النقاش حولها بواسطة أهل أبا أنفسهم والذين عليهم التأكيد علي أهمية أن تكون الجزيرة ابا بعيدة عن دائرة الإتهام بموالاة مليشيا التمرد علي أن يكون هذا فعلاً وليس قولاً حتي لاتدفع الجزيرة الثمن مرتين.. الأولي أن يتضرر إنسان المنطقة لأن الإجراءات الأمنية للولاية لا تجامل علي حساب الأمن الشامل للولاية من أقصاها إلي أقصاها.. ومن هنا نرجو أن تعيد لجنة الأمن بالولاية النظر في القيود التي فرضتها علي حركة دخول مواطني منطقة طيبة إلي كوستي.. ليس من العدالة النظر إلي الضرر الذي يقع علي البسطاء من الناس بسبب مخاوف أمنية مشروعة يمكن تجاوزها بطرق لا تعجز عنها سلطات الإستخبارات في بحر أبيض..
أما أهل الجزيرة أبا مجتمعين فعليهم أن يضربوا بيدٍ من حديد علي المخربين وضعاف النفوس والموالين لمليشيات وعصابات التمرد السريع.. عليهم أن يفعلوا هذا حتي لا نجد موطننا الحبيب وقد صار محاصراً بدعوات لهدم جسر الجاسر لتشديد الخناق علي الجزيرة أبا كما كتب أحدهم مطالباً قبل أشهر بخنق من أسماهم بداعمي عصابات المتمردين بالجزيرة أبا..