محمد علي فضل الله يكتب .. ديون السودان الخارجية ما بين مبادرة الهيبك و إفتراء قحت
ليست من النوافل الحديث عن تجنّي الدول العظمى وإزدواجية المعايير في التعاطي مع قضايا دول القارة السمراء سيما السوان واحد من تلك الدول التي غرقت في الديون إبان صدور قرار البنك الدولي الذي سمح للدول بالإقتراض دون شروط التمويل المعروفة كتحديد نوع المشروع وغيرها من ضوابط التمويل .
فدخلت الحكومة في إلتزامات قروض دون الإنتباه إلى كيفية الإستفادة منها في تأسيس مؤسسات مالية تدير هذه القروض ولذلك عندما حل أجل الديون عجزت الحكومات المتعاقبة عن السداد.
و من هنا بدأ الضغط المتواصل والحصار المستمر و إستخدام سياسية التركيع وفرض الأجندات الخارجية وضياع سيادة الدولة من لدن حكومة السيد الصادق المهدى إلى يومنا هذا .
و لذلك عندما ادعى قادة ( قحت ) بأن هذه الديون إقترضتها حكومة الإنقاذ فقد جانب حديثهم الصواب لأن هذه القروض يعود تاريخها إلى قرار البنك الدولي في العام 1972 متزامنا مع إتفاقية أديس أبابا .
وأيضا لم يكن قادة قحت صادقين عندما إدعوا أن القوات المسلحة تتباطئ في حسم حربها مع الدعم السريع بحجة أنهم يريدون أن تستمر الحرب لتُعفى الديون الخارجية .
و أوردوا نصاً مفاده [ تُعفى الديون الخارجية إذا إستمرت للحرب لمدة سبعة أشهر ] لذلك نقول لهم لا يوجد في لوائح صندوق النقد الدولي ولا في قوانين البنك الدولي نص بهذا المعنى منذ تأسيسهما بعد قيام منظمة الأمم المتحدة في العام 1945 .
وقد لا يعلم هؤلاء الناشطين أن الدين الخارجي العالمي البالغ [ 97 ] ترليون دولار تتصدر القائمة فيه الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ [ 31.8 ] ترليون دولار وتليها الصين بمبلغ [ 15.5] ترليون دولار وتاتي بعدها اليابان بمبلغ [ 12.9 ] ترليون دولار فكم تساوي نسبة ديون السودان التي لم تتجاوز في جملتها [ 60 ]مليار دولار فقط ؟ .
فهل سمعتم أرقام هذه الديون يوما في أفواه أحزاب المعارضة الأمريكية أو الصينية أو اليابانية ؟ فهؤلاء يفرقون بين الحكومات والاوطان ، فالاوطان عندهم يحمل همها الكل وتسع الجميع .
في عام 1996، أطلق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون التي تُعرف ب ( الهيبك ) كإطار لتخفيف عبء الديون للبلدان المؤهلة .
تم إعتماد مبادرة الهيبك مع الإعتراف بأن عبء الديون الخارجية الذي لا يمكن تحمله والذي تواجهه بعض أفقر البلدان هو سبب للنمو الإقتصادي البطيء و الفقر المستمر .
فتم تصميم البرنامج للتأكد من أن أفقر البلدان في العالم التي تفي بمتطلبات الأهلية الخاصة بمبادرة الهيبك لا تطغى عليها أعباء الديون التي لا يمكن السيطرة عليها و يقلل من ديون البلدان المؤهلة التي تلبي معايير الإصلاح الصارمة
و أعفت مبادرة الهيبك و برامج المبادرة المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون عن 37 دولة. أي أكثر من 100 مليار دولار من الديون .
واحد و ثلاثون من هذه الدول كانت في أفريقيا .
السودان هو واحد من اثنين فقط من الدول المؤهلة المتبقية ( و الدولة الأخري هي إريتريا ) التي لم تبدأ بعد عملية تخفيف عبء الديون في مبادرة الهيبك .
نأمل أن تأتي مبادرة ( الهيبك ) أكلها في إعفاء ديون السودان الخارجية وتستفيد منها الدولة إيجاباً في تحفيز الإستثمارات وخلق شراكات ذكية مع كبريات الشركات العالمية ويتم تطوير الصناعة بالإستفادة من القيمة المضافة للمنتجات الزراعية والحيوانية وأستغلال ثروات باطن الارض من المعادن النفيسة التي أرخصها الذهب .
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل
الثاني من رجب من العام 1446 هجري الموافق 02/01/2025 ميلادي