ياسين عمر يكتب: من يقف وراء محاولة اغتيال عبدالفتاح البرهان

تباينت الآراء حول ما حدث من محاولة اغتيال فاشلة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان في معهد جبيت العسكري للتدريب وأحاول في هذه النقاط أن أقرأ معكم رؤية تحليلية للحادثة لخصتها في هذه النقاط:

 

هنالك فرضية تقول أن الذي استهدف هذا التخريج هي مليشيات الجنجويد عبر عناصرها داخل السودان وبالنظر إلى مواصفات المسيرات الثلاثة وقدرتها على التحليق وقطع المسافات وأقرب نقاط التمرد لمعهد جبيت علمت أنها ليست بهذا الكم الهائل من المواصفات ما يعني أن نقطة الانطلاق داخل حدود منطقة التغطية الأمنية المشددة وحرص الأجهزة النظامية المبالغ فيه، وإذا إفترضنا بصحة هذا الإدعاء قطعاً أن اكتمال هذه العملية تم بجهود وتنسيق من الداخل وهو ما يضعف حجية هذا الإدعاء سيما وأن اختيار أفراد الاستطلاع والتأمين في مثل هذه المناطق يتم بعناية فائقة المستوى ولكن وإذا نظرنا بالجانب السلبي كذلك فخيار الاستهداف بعملاء من الداخل ليس ببعيد ولله در القائل لا تُهزم الأوطان بقوة اعدائها بل بخيانة أبنائها وما أكثر هؤلاء

 

يرى البعض أن الجهة التي أطلقت المسيرات هي كتائب البراء والإسلاميين وبتحليل هذا الإدعاء نجد أن الإسلاميين أنفسهم سلموا السلطة لـ المجلس العسكري بلا أدنى اشتباك ما يعني أنهم وصلوا إلى طريق مسدود وعجز لإيجاد حلول اقتصادية ناجعة وسريعة لتوقف تدحرج عجلة الاقتصاد وهو الرأي الذي وصل إليه سوادهم الأعظم ورأي الأغلبية فلجأو إلى الاتجاه لـ التغيير السلس هذا من جانب، ومن آخر فالوضع الاقتصادي والسياسي والأمني الذي تشهده البلاد لن يفكر في تقلد مناصبه القيادية بحكومة (انتقالية) حزب مثل المؤتمر الوطني وإن كان “حزب محلول” فهنالك فاتورة فشل متضحة الملامح والعلامات لن يقبل بحملها هذا الحزب مجدداً بعد أن عاش أيام نحسات تمنوا فيها مجرد نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء أعقبتها إنفراجة أعادت لهم الروح إلى الجسد بقدر ما فشلت حكومة المجلس العسكري الأولى ومجلس الـ 14 وحمدوك ومجلس الشراكة و حكومة 25 أكتوبر مع حمدوك وحكومة بورتسودان ولسان محسان بائعة الحرجل يردد أن هذه البلاد لن يفلح في إدارتها سوى المؤتمر الوطني أو “الفلول”

 

افترض لي أحد أصدقائي ونحن نتناقش حول حادثة المعهد أن هذا الاستهداف يمكن أن يكون قد تم بتنسيق من الداخل يعني أن المؤامرة إيجابية بهدف جلب المزيد من الاستعطاف الشعبي مع الرئيس سيما بعد خسارة الوطن لعدد من المناطق وزيادة النزوح وحالة الاستياء العامة والتي تخيم على وجوه عامة السودانيين بعد خسارة بعض معارك الجيش الأخيرة بـ سنار وما جاورها وهذا الرأي أقل ما يمكن أن يقال فيه أنه “فطير” أولا: هذه المسيرات أقل ما تحمله قذيفة مدفع عيار 82 وهي قادرة على حمل المزيد وبما أن هذه العبوات متفجرة يعني أنها لها شظايا ويصعب التحكم في السيطره عليها كما القناصة أو الكلاش، حكي لي بعض المتقاعدين أن أحدهم طلب من قناص استهداف عدو معين فقال له أين تريد الطلـ .ـقة؟ قال له في عينه فسأله القناص في اليمين أو اليسار هنا توقف الرجل وقال له STOP خشية أن تدور الدوائر عليه، ثانياً: من فوائد هذا التمرد أنه حقق التفاف شعبي وسياسي منقطع النظير حول القوات المسلحة وقياداتها العسكرية ولتأريخها العريض المليئ بالعزة والشموخ وأنها المؤسسة التي يجد فيها كل مكون نفسه بلا مزايدة ويتمثل هذا في اللوحة الوطنية التي نشاهدها كل يوم عندما يقف فخامة الرئيس عبدالفتاح البرهان متفقداً الأسواق والقهاوي وجالساً في برش الشعب وفي الطرقات فيتحول المكان إلى مسيرة هادرة غبّر فيها المواطنين أرجلهم نصرة للدين والوطن ورفضاً للجنجويد فتعلو أصواتهم بالتكبير والتهليل وهتافات النشيد “جيش واحد شعب واحد” ثالثا: الجرائم والانتهاكات ضد الإنسانية التي ارتكبتها مليشيا الجنجويد ضد الشعب السوداني الأعزل لم يتركوا بعدها طريقاً للعودة من جديد وإذا كان الفرد معهم عندما كانوا دولة يشعر بشيء من الخجل ويتوارى أن يقول أنه منهم فكيف الآن! لقد أدرك محمد أحمد في السوق أن الخيار أوحد والمصير وآحد ولا بديل للقوات المسلحة السودانية إلا القوات المسلحة السودانية وإن سقطت سنار والقضارف وإن أكل التمرد المانجو في شندي أو حطت رحالهم في بورتسودان.

 

هنالك احتمال آخر حول محاولة اغتيال رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان بمنطقة جبيت العسكرية بالبحر الأحمر حيث يرى آخرون أن هنالك جهات خارجية نفذت هذه العملية عبر المياه الإقليمية وهذا الرأي معتبر نوعاً ما فالمخطط الذي يستهدف السودان لا شك أن له أطرافاً خارجية تجاوزت الخمسة عشر طرفاً شاركت في عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وقدمت الإمداد العسكري والدعم التقني وجلبت المرتزقة، رغم أن منفذي العملية استخدموا ذات المسيرات والتي تستخدمها مليشيات الجنجويد في عملياتها الهجومية “سهلة التصنيع محلياً” إن لم تكن هذه الفرضية هي الحقيقة فهي إلى المنطق أقرب.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا