رمضان بين مآلات النزوح وفقدان الام الرؤوم…
كتبت/سمية عبد النبي
استعجلتني الوالدة (رحمة الله عليها) للخروج من الخرطوم صوب النيل الأبيض حفاظا على
استعجلتني الوالدة (رحمة الله عليها) للخروج من الخرطوم صوب النيل الأبيض حفاظا على أرواح احفادها من سقوط الدانات التي تعايشنا معها لشهرين كاملين ونحن نتمنع الخروج من بيوتنا.
كانت للوالدة عبارة ترددها باستمرار وهي تفكر في المغادرة “أنا كان مرقت من بيتي تاني ما برجع ليه” ، كأنما كانت تري الموت ، تخاطبه ويخاطبها وترجوه وتمني نفسها بالعودة للديار ،، وتارة تغني “ياحليل خرطومي براي يا حليل قرقوشي مع الشاي” ،وكنت اقول في نفسي لعله الشوق الي الديار وكم طال انتظارنا للعودة…
يطل علينا رمضان المبارك والحرب تكمل عامها وأمي الحبيبة من الرحيل المر ، وكانّه مكتوب علي كل اسرة ان تبكي دما ودمعا لفراق عزيز وغالي.
يجئ رمضان ونحن نتوزع بين نازح من مكان واخر ، ولاجئ في اصقاع الدنيا نتوسد أحزاننا ونفترش الارض ونلتحف السماء .
يعيش النازحون في الولايات اوضاعا صعبة بسبب ضعف الخدمات في الولايات التي تفتقر في غالبيتها لأساسيات الحياة ، فيما يفعل الجشع والطمع فعله في الوافدين في ظل الارتفاع المبالغ فيه لإيجار المنازل .
ومع حلول رمضان تتضاعف معاناة النازحين ، مما يتطلب جهدا رسميا وشعبيا لإغاثة الضعفاء وتوفير الدعم للمحتاجين لانه شهر الرحمة والتكافل والتعاضد.
يجئ رمضان ونحن ننكفي علي جرحنا الكبير بفقدان الأم وفقدان الامان وحسرة الخروج من منازلنا ، وما تزال ماساة الوطن مستمرة باستمرار القتال .
يجي رمضان ونفتقد الوطن ، الأم الرؤوم واللمة والاهل والبيوت والجيران وتجهيزات رمضان وتحضير الحلو مر ،الرقاق وتجفيف البصل والبهارات .
كل هذه الاستعدادات لشهر رمضان المبارك تطوف بمخيلتي و لا تفارقني صورة امي وهي تقوم بكل تلك التحضيرات.
نفتقدك امي ، ويفتقدك الكل ، الاهل والجيران وأصحاب المحلات والدكاكين والمغالق واطفال الخلاوي فقد كنتي سباقة في تقديم الزاد وتجودين بالكثير منه ..