بذرة الكرامة .. حصاد الحرية (7) “الخليفة” و”عبد الخالق” .. رشان اوشي
من شروط رواية معركة الكرامة ، أن يكون أبطالها من رجال الدولة، هم من أظهروا قيم المسؤولية الوطنية في منعطف رسم مصير شعب السودان ، من امتلكوا القدرة على إطلاق العواصف وصد العواصف، هم من فضلوا السقوط على الحلبة وليس الانسحاب من المنازلة .
أشعلت معركة الكرامة حماسة الشارع السوداني، تطوع الآلاف في صفوف المقاومة الشعبية ، قرر والي النيل الابيض “عمر الخليفة” الإبحار في تيارها ، أدرك بحسه الوطني الرفيع أن معركة التحرير تحتاج إلى معمودية نار لفرض شرعيتها،نجح في إحداث انعطافة في الوضع التنفيذي بولايته، بالتالي أصبحت إدارته النقطة الأكثر جذباً في منطقة تعيش حصاراً بواسطة المليشيات .
ظل “الخليفة” ينظم معسكرات الاستنفار الشعبي، ينفق على تأسيس خلايا “العمل الخاص”، وتدريب الشباب على حمل السلاح للدفاع عن أرضهم، و عندما دخلت الحرب مرحلة أشد هولاً حاول “الخليفة” بعزيمة قوية تجنيب شعبه مشاهد المذبحة المفتوحة، الجارحة والمؤلمة بالجزيرة ودارفور، و موسم القتلِ المبرمج والتدمير الممنهج الذي يضخ عاصفة من الغضب في عروق السودانيين.
قاوم “الخليفة” حصار المليشيات ، وتفانى في توفير الخدمات الأساسية ، كإعادة الخدمة في المستشفيات و المراكز الصحية ، وسداد استحقاقات العاملين و مديونيات التأمين الصحي، ونجحت حكومته في إدخال ( 30) ألف أسرة على خدمة التأمين الصحي باستخراج (١٠٤) ألف بطاقة للنازحين،(994) بطاقه للعائدين من دولة جنوب السودان و( 3200 ) أسرة تتبع لوزارة الداخلية، وإجراء عمليات جراحية على نفقة الولاية لمصابي معركة الكرامة .
ومن روايات البطولة أيضاً.. “عبدالخالق عبداللطيف وداعة الله” والي شمال كردفان تربطه عروة وثقى بالمقاومة ، ظل يقاوم مع ابطال “الهجانة” محاولات المليشيات لاحتلال الابيض ، وكان لسانه حاله يقول :” من شروط النصر والصمود ان يكون لك أنصار لا يهتز إيمانهم بك مهما احتدم الوطيس ، وأن تقض مضاجع اعداءك حتى إذا انهالوا عليك بمطارقهم”، أنه من طينة الزعماء ، رمز من الصمود ،الجسارة ، تحمل المسؤولية وأداء الواجب ، أنه فصل مهم في رواية مثيرة عن إعصار معركة الكرامة .
حجز هؤلاء الرجال مقعد بارز في التاريخ، وبالتأكيد الذاكرة الوطنية ممحاة لا يعاندها إلا من يترك بصمات يتعذَّر إزالتها.
محبتي واحترامي