الحلفايا تحت الصدمة بسبب مستنفر مع الجيش السوداني

متابعة - الجمهورية نيوز

الحلفايا تحت الصدمة بسبب مستنفر مع الجيش السوداني

الحلفايا تحت الصدمة بسبب مستنفر مع الجيش السوداني

 

 

في واقعة صادمة هزّت المجتمع السوداني وأثارت نقاشات قانونية ونفسية عميقة، أقدم أحد المستنفرين العاملين مع الجيش السوداني على إطلاق النار داخل منزله في منطقة الحلفايا شمال العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى مقتل خمسة من أفراد أسرته، لتتحول الفاجعة إلى قضية رأي عام طرحت أسئلة حول سياسات الاستنفار ووجود المسلحين في المدن الآمنة.

تفاصيل الجريمة

وقعت الجريمة داخل منزل الأسرة، حيث أطلق المستنفر محمد النار على أقاربه، مما أدى إلى وفاة عبد العزيز مالك العاقب، أحمد مالك العاقب، رجاء مالك العاقب، فاطمة مالك العاقب، وإسماعيل زوج رجاء وابن عمها. وأفادت مصادر محلية أن دوافع الحادثة تعود إلى خلافات أسرية مرتبطة باعتقال والدة الجاني لأسباب غير معلومة، فيما أكدت أن محمد موقوف حالياً لدى الشرطة تمهيداً لمحاكمته.

رواية الأسرة

تداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي رسالة من شقيقة الجاني رانيا العاقب، أوضحت فيها أن الخلاف بدأ بسبب سلك كهربائي مكشوف يربط منزلهم بمنزل عماتهم. وأشارت إلى أن والدتها فصلت السلك بعد تعرضها وأختها لصعقة كهربائية، مما دفع عمتهما لتقديم بلاغ ضدها أدى إلى اعتقالها. وأضافت أن الأسرة دفعت كفالة بقيمة 150 ألف جنيه، لكن المحكمة حكمت على والدتها بالسجن ثلاثة أشهر أو دفع مليار ونصف جنيه لإطلاق سراحها. وأكدت أن رفض عمته التنازل عن القضية دفع محمد إلى ارتكاب الجريمة بحق أعمامه وعماته وزوج عمته، قبل أن يسلم نفسه للمعسكر العسكري الذي بدوره سلّمه إلى الشرطة.

 

حوادث مشابهة

حادثة الحلفايا لم تكن الأولى من نوعها منذ اندلاع النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع. فقد وثقت هيئة محامو الطوارئ مقتل أربعة مدنيين في قرية القربين بولاية سنار على يد مسلح مستنفر، كما شهدت مدينة دنقلا بالولاية الشمالية هجوماً على مركز شرطة أدى إلى مقتل شرطي وإصابة ثلاثة آخرين. وفي شمال دارفور، اقتحمت مجموعة من المستنفرين مركز شرطة مدينة أمبرو ونهبت مخازن الأسلحة واحتجزت مدير القسم، احتجاجاً على ما وصفوه بضعف أداء الشرطة في مواجهة الاضطرابات الأمنية.

تحذيرات رسمية

عضو مجلس السيادة ونائب قائد الجيش شمس الدين كباشي حذر في تصريحات سابقة من أن انتشار السلاح يشكل خطراً يفوق تهديد قوات الدعم السريع، مشيراً إلى أن الوضع الحالي أفرز حالة من الانفلات الأمني. وطالب كباشي بإبعاد القوات المقاتلة من المدن وإسناد مهام حفظ الأمن إلى الشرطة، مؤكداً أن بعض القوات المتواجدة داخل المدن تفتقر إلى الانضباط، وداعياً ولاة الولايات إلى تعزيز دور الشرطة في إدارة الأمن الداخلي.

خلل قانوني

الخبير القانوني المعز حضرة أكد أن المستنفرين لا وجود لهم في هيكلة القوانين السودانية، وأن حملهم للسلاح مخالف للقانون. وأوضح أن احتكار العنف يجب أن يكون في يد الدولة عبر القوات النظامية المعترف بها، مشيراً إلى أن تكرار الحوادث يعكس خللاً كبيراً في السياسات الأمنية. وأضاف أن المستنفرين يستخدمون السلاح في الانتقام الشخصي والسرقات والتهديد، وأن القانون الجنائي السوداني لا يجيز استخدام السلاح ضد المدنيين في النزاعات الشخصية حتى وإن كان حامله تابعاً للقوات النظامية.

فوضى أمنية

حضرة أشار إلى أن انتشار السلاح بين الأطفال والمستنفرين غير المنضبطين أدى إلى حالة من الفوضى، وولّد بوادر حرب أهلية وخطاب كراهية وانتقام، إضافة إلى إقامة ارتكازات على الطرق الرئيسية لنهب الأموال والبضائع وفرض إتاوات على المارة. وطالب بضرورة حصر السلاح في يد القوات النظامية فقط، باعتبارها الجهة المخولة قانونياً لحماية المدنيين.

رؤية أمنية

الخبير الأمني خالد الرشيد أوضح أن التجنيد في أوقات النزاعات لا يخضع لمعايير طبيعية، بل يعتمد على الراغبين في حمل السلاح دون النظر إلى خلفياتهم، مما أدى إلى انضمام مجرمين ومتورطين في تجارة المخدرات إلى طرفي الصراع. وأكد أن وجود المستنفرين في المدن الآمنة لا مبرر له، مشيراً إلى أن مكانهم الطبيعي هو الجبهات القتالية. وحذر من انتشار مزيد من السلاح بعد إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التعبئة العامة، داعياً إلى نزع السلاح من المستنفرين وإسناد مهمة تأمين المدن إلى الشرطة.

غياب الردع

الرشيد أشار إلى أن تعطّل الأجهزة العدلية وتركيزها على الجرائم المرتبطة بالعمليات الحربية خلق حالة من غياب الردع القانوني، مما شجع المتفلتين على ممارسة الفوضى والنهب دون خوف من العقاب. وطالب بضرورة تجريد المجرمين من السلاح وإبعادهم عن المدن الآمنة واعتقال من يثبت تورطهم في الجرائم.

أبعاد نفسية

من جانبها، أوضحت أخصائية الإرشاد النفسي وعلاج الصدمة مروة محمد إبراهيم أن السلوك العدائي للمستنفرين قد يكون ناتجاً عن عوامل جينية أو اضطرابات عصبية، خاصة لدى المراهقين والشباب، إضافة إلى اضطرابات شخصية مثل الشخصية المضادة للمجتمع. وأكدت أن عوامل اجتماعية كالحرمان والفقر والإهمال الأسري، إلى جانب الإدمان على المخدرات والمنشطات، قد تدفع إلى السلوك الإجرامي. وأشارت إلى أن الصدمات النفسية التي يتعرض لها الأفراد خلال الحرب تؤثر بشكل مباشر على سلوكهم، وأن وجود السلاح في أيدي المستنفرين ساهم في تفاقم الوضع، معتبرة أن الأوضاع الحالية مهيأة للجريمة.

دعوات مراجعة

الحادثة المروعة في الحلفايا أعادت إلى الواجهة ضرورة مراجعة سياسات الاستنفار والتحقق من خلفيات الأشخاص الذين يتم تسليحهم، مع التأكيد على أهمية وضع ضوابط صارمة لمنع تكرار مثل هذه الجرائم التي تهدد أمن المجتمع السوداني واستقراره.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا