محمد حسن كبوشية يكتب .. معسكر بني شنقول.. والصمت المشبوه

متابعة - الجمهورية نيوز

محمد حسن كبوشية يكتب .. معسكر بني شنقول.. والصمت المشبوه

محمد حسن كبوشية يكتب .. معسكر بني شنقول.. والصمت المشبوه

 

 

لطالما مثل السودان شريكاً أساسياً في استقرار إثيوبيا، حيث لعب أدواراً محورية في أكثر من منعطف تاريخي حاسم وقد تجسد هذا الدور بشكل واضح من خلال الوساطات السودانية التي ساعدت في رأب الصدع بين الفرقاء السياسيين الإثيوبيين ، لاسيما في فترة ما بعد الإطاحة بنظام منغستو هايلي ماريام.

وهنا لابد ان يبرز اسم الجنرال الراحل الفاتح عروه كأحد أبرز الشخصيات السودانية التي عملت بجد لتحقيق الاستقرار في إثيوبيا ، فقد شغل عروه منصب وزير الدولة بوزارة الدفاع ومستشارا للرئيس لشؤون الأمن ورئيس اللجنة الأمنية المشتركة بين البلدين، وتمتع بعلاقة شخصية استثنائية مع الراحل رئيس وزراء إثيوبيا ملس زيناوي وكانت تلك العلاقة التي بنيت على الثقة المتبادلة والاحترام عاملاً حاسماً في تسهيل حوارات السلام الإثيوبية الإريترية وفي معالجة ملفات أمنية شائكة متبادلة.

لعب الجنرال الراحل الفاتح عروه دوراً محورياً في العلاقات السودانية الإثيوبية، حيث تمتع بثقة شخصية ونفوذ فعّال جعلاه وسيطاً مقبولاً ومفتاحياً. تولى رئاسة اللجنة الأمنية المشتركة بين البلدين وكان مهندساً رئيسياً لاتفاقيات الحدود التي ساهمت في احتواء التوترات العابرة للحدود بالرغم من المراوغات المستمرة والتي حسمها الجيش عسكريا بإعادة أراضي الفشقة الي حضن الوطن ، ولقد كان الفاتح عروه حجر الزاوية في ترتيبات الأمن والثقة التي مهدت الطريق للمفاوضات السلمية بين إثيوبيا وإريتريا، مستفيداً من صداقته الشخصية المتينة مع الراحل ملس زيناوي.

غير أن هذه الصورة الإيجابية تواجه اليوم اختباراً حقيقياً مع تصاعد وتيرة الحرب الوجودية التي يخوضها الشعب السوداني في الوقت الذي تصمت فيه حكومة أبي أحمد (ناكرة الجميل ) عن وجود معسكر يُشيد في إقليم بني شنقول لتدريب مرتزقة للقتال إلى جانب مليشيات الدعم السريع، ويضع تساؤلات عميقة حول حول هذا الصمت المخزي.

هذا الصمت يضع علاقة البلدين أمام مفترق طرق خطير فإذا كانت التقارير صحيحة، فإن تواطؤاً محتملاً من جانب أديس أبابا في تدريب قوات تقاتل في حرب تستهدف شعب السودان يمثل انتكاسة للدور التاريخي الذي لعبه السودان في استقرار إثيوبيا، وانعكاساً للمعادلات الجيو-سياسية المتغيرة في المنطقة. يتطلب هذا الوضع متابعة دقيقة، حيث أن استقرار البلدين مرتبط بمصير واحد، وأي تصعيد في دعم قوات متورطة في الحرب ضد شعب السودان قد يضع المنطقة بأكملها على حافة الهاوية.

آخر الدعاش:
إذا ثبت تواطؤ رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع الدويلة التي تمول هذا المعسكر سيصبح السد العملاق رهين للصراعات الإقليمية. وقد تدفع هذه الخطورة الأطراف المتضررة إلى النظر في خيارات عسكرية لضرب المعسكر مما يعرض السد لخطر التدمير العرضي أو المتعمد في حرب بالوكالة، ويحول أكبر مشروع تنموي إثيوبي إلى ساحة معركة، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية لا تحمد عقباها، ويهدد الأمن المائي الإقليمي برمته، ويقلب موازين القوى في حوض النيل فهل سيخرج أبي أحمد عن صمته ؟

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا