دورية الجيش٣١٣ اروما انقذتني..وتعظيم سلام للطرق والجسور

كتب احمد جبريل التجاني

اذا كنت علي سفر من بورتسودان برا الي

وجهة اخري فعليك بالتبكير ، يجب ان تصلي الفجر في هيا، لان الخروج من المدينة العاصمة بعد ان تشرق الشمس جد عسير لالتزامات تجد نفسك مطالب بقضاءها وكون المدينة لطيفة جاذبة لاتستطيع الفكاك من سحرها وجمال ساحلها.

 

خرجت بالامس عند الواحدة ظهرا ادركني المغرب بعد درديب،اثناء سيري لاحظت جدية هيئة الطرق والجسور الهيئة( الجسورة) التي يديرها ياشمهدس (جسور) ، مهندسو وعمال الهيئة يعيدون ترقيع وصياغة اجزاء واسعة مهترئة وبالغة الخطورة من طريق بورتسودان كسلا،اكوام الحصي تراصت علي امتداد الطريق وبراميل (الزفت) موزعة علي طرف الاسفلت وحفر ضخمة اعيد (تكحيلها) لتسهل عملية الترقيع وهي معالجة ضرورية لحفظ ارواح الناس وممتلكاتهم.

هناك من لايعجبهم اي فعل ايجابي يتحدثون عن ضرورة سفلتة الطريق بشكل كامل وكاننا ماقبل ٢٠١١ وانفصال الجنوب وانتهاء عصر(النعنشة) التي تفيأنا ظلالها مع الرئيس الاسبق عمر البشير الذي بذل وسعه اخطأ واصاب لانه بشر.

عمليات الصيانة سواء بالترقيع او السفلتة المتقطعة مهمة جدا لان ارواحا ازهقت بسبب الحفر العميقة وفقد البعض سيارته بسبب حادث، هيئة الطرق والجسور ليس جديدا عليها التفاني وركوب المخاطر فقد عودونا علي مجابهة الصعاب ومقارعة خطوب الميزانية ليفعلوا الممكن وبعض المستحيل في بلد تكلفة الكيلو متر اسفلت يمكنها ان تنشئ مدينة صغيرة،رغم ذلك ماتقاعسوا يتحركون شرقا وغربا شمالا وجنوبا في ظروف عصية وبالغة التعقيد،وللهيئة وطاقمها معزة خاصة اذ ان ادارة اعلامها بقيادة محمد الجيلي وحارث والصديق الذي افتقده حامد كرزاي تعد الاولي علي مستوي الوزارات والهيئات بهمتهم وتفهمهم لطبيعة وظيفتهم بلا شطط او ( تركيب مكنات)،يتمتعون بعلاقات طيبة ومتميزة مع عدد كبير من الصحفيين والصحفيات ،رافقتهم في رحلة الي دارفور لافتتاح طريق نيالا كاس عام ٢٠١٨ قبل الثورة المشؤمة كانوا قمة في المهنية والاحترام وانزال الناس منازلهم ومتابعة كل صغيرة وكبيرة وتسهيل العسير لنقوم بعملنا الصحفي الذي جئنا من اجله.

 

لكن وللمفارقة في ذات الطريق(بورتسودان كسلا) وبعد ان توارت الشمس باكرا ، في الشرق ولفارق التوقيت عنا في بحر ابيض تتواري الشمس باكرا، بحلول الظلام وظهور الحفر العميقة علي الاسفلت بعد درديب شمال الكسارة بنحو ٣٠ كيلو متر اودت احدي الحفر بالاطار الامامي فنحيت العربة جانبا وانزلت معدات تغيير الاطار ، علي مقربة مني رغم الظلام رايت بصا تناثر ركابه علي الارض كحبات مسبحة منفرطة بعد عطل اصابه ، اثناء عملية تغيير الاطار لاحظت مشكلة فنية في الرافعة فوقفت طرف الاسفلت ارفع يدي عسي ولعل احد النبلاء يتوقف ليساعدني لكن هيهات.

بعد برهة رايت عربة تتبع للقوات المسلحة وهي دورية قرات رقمها الجانبي (١٣٣) علمت لاحقا انها تتبع لقطاع اروما كانت تقف خلف البص المتعطل عقب اطمئنانهم علي الركاب تحركت العربة تجاه الشمال لتتوقف محاذاتي ويسالني الطاقم ما المشكلة،بعدها ترجلوا جميعا رجال القوات المسلحة كانهم اسود تبارك الرحمن وبمنتهي التواضع شرعوا في عملية تغيير الاطار،وقفت وداخلي احاسيس بالفخر والعز ان من يعينني في خلاء مظلم خطير هم رجال القوات المسلحة وبمنتهي التواضع يقولون هذا واجبنا نحن في خدمتكم،لقد انقذني رجال الجيش اولا فانا في خلاء وظلمة حالكة وبمسافة تبعد عن كسلا ٢٠٠ كيلو متر ثم انني مريض سكر وقد فعل بي الجوع الافاعيل لاجد هولاء الميامين يقومون بكل العمل ويعيدونني الي الطريق مواصلا سيري وسط دعواتهم لي بسلامة الوصول مع وصيتهم التي نفذتها بالمبيت عند الكسارة والتحرك صباحا الي كسلا نسبة لعدم امتلاكي اسبير.

 

قد يري البعض ان هذا امر عادي وطبيعي،هو عادي وطبيعي لو كانت هناك دوريات مرورية بهذه الطرق تتفقد مستخدمي الطريق وتغيث الملهوف وتنقذ المحتاج لكن الامكانيات المتوفرة لاتساعد علي اداء هذه المهمة لطول مسافات الطرق بين المدن واتساع المساحات الجغرافية التي يستحيل الاحاطة بها.

 

انا شاكرلرجال القوات المسلحة الذين انقذوني بمنتهي التواضع والمروءة ، لا شئ اهديه لهم سوي دعواتي لهم بالنصر والحفظ والتوفيق واتمني من قيادة القوات المسلحة تحفيز هولاء الرجال ليس لانهم ساعدوني بل لانهم يعرفون واجبهم تجاه شعبهم ويتعاملون بروح طيبة ويتفقدون جميع السيارات المتوقفة علي طول الطريق لمهام يعلمونها هم وللمساعدة كما في حالتي وحالة البص السياحي.

 

اعود واقول الطرق في السودان تلزمها ميزانية ضخمة لتنهض مجددا وتقدم الاضافة الاقتصادية للسودان وبالمتيسر الان ومع ظروف الحرب وانهيار الجنيه تعمل هيئة الطرق والجسور في اصلاح مايمكن اصلاحه وهي مجهودات يجب ان تثمن وتقدر وتدعم حتي تستمر وباستمرار الصيانة نضمن سلامة المواطنين وسياراتهم.

أقرأ أيضًا
أكتب تعليقك هنا